صداقة وطيدة:
كانَا صديقَين تجمع بينهما صداقةٌ من أعزِّ الصداقات وأجملها، فكانَا زميلَين في الدراسة وكأنَّهما أخوان أو أقرب، وكانَا يتَّصفان بالدِّين والشهامة، والاجتهاد في طلب العلم، وقد اختلف عملُهما الوظيفي بعد الدراسة، ولكن صلاتهما الأخوية وصداقتهما المتينة لم تتزعزعْ، وثقة كلٍّ منهما في صاحبه لم تتغيَّر، وقد عجب كثيرون من زملائهما كيف استمرَّا على صداقتهما، وحاول بعضُ الوشاة إفسادَ الودِّ بينهما، فلم يُفلحوا.
وكان السِّرُّ في هذا الحفاظِ على الصداقة أنَّ محبتهما كانت في الله، وأنهما كانَا على درجة من الوعي، وسلامة القلْب، فلم يكن للدسائس والوشايات أثرٌ في تكدير وُدِّهما، بل كانتْ صداقتهما تزداد متانةً ورسوخًا، وثقتهما في بعضهما تقوَى وتشتدّ، وهكذا ضربَا مثلاً في الوفاء والإخاء، والحفاظ على الودِّ في عصر كادتِ العلاقات المادية، والمصالِح الشخصية أن تَطْغَى على الخِلال الكريمة، والروابط الحسنة.
♦ قال أبو فراس الحَمَداني:
وَهَلْ يَدْفَعُ الْإِنْسَانُ مَا هُوَ وَاقِعٌ
وَهَلْ يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ مَا هُوَ كَاسِبُ