موظف سيِّئ:
والتقيتُ به فرأيتُ فيه أسوأ صورة للموظَّف الشرس، السيِّئ الأخلاق، الذي لا يهنأ له بالٌ ولا يرتاح له خاطر، حتى يؤذيَ مراجعيه، ويسيءَ إليهم، ويعرقل معاملاتهم، إنَّه مَثَلٌ سيِّئ للموظَّف السيِّئ.
لقد التقيتُ في حياتي بموظَّفين كثيرين، وكنت أجد من الأغلبية لُطفًا وقيامًا بواجبهم، ومقابلةً حسنة، وشعورًا بالواجب، ولكني اصطدمتُ اليوم بواحد ما كنتُ أحسب أني ألتقي بواحد مثله، ولم يسبق أن رأيتُ أحدًا على شاكلته، وإن كان الموظَّفون ليسوا جميعًا على ما يُرام، ففيهم مَن يعطِّل المعاملات، ومَن يُقابل المراجعين مقابلةً غير كريمة، ومن هو مقطَّب الجبين، يتململ من المراجع، ويضجر منه، ولكنَّ هذا فاقَهُم جميعًا، وضرب رقمًا قياسيًّا في سوء المعاملة، وفي تحويل مكْتبه إلى فوْضى وصراخ، وجلبة واستياء، وقلَّ أن يدخل مكتبَه أحدٌ إلا خرج ساخطًا متذمِّرًا، لا يدري كيف وَقَع في قبضة هذا الموظَّف اللئيم.
لقد عرفتُه على حقيقته، وقلت له: إنَّ تصرُّفَك هذا مضرٌّ بك شخصيًّا، ومضرٌّ بالمصلحة العامة، وكأنِّي أنفخ في رماد، أو أضرب في حديد بارد.
وقال حسين سرحان:
قُلْ لِلْذِي جَعَلَ الْوَظِيفَةَ هَمَّهُ
وَسَعَى إِلَيْهَا سَعْيَ ضَيْغَمِ غَابِ
الْعَيْشُ بَيْنَ الْجِنِّ آنَسُ مَوْقِعًا
مِنْ عَيْشَةِ الْكُتَّابِ وَالْحُسَّابِ
هَذَا يَجِيئُكَ بِاحِثًا عَنْ نِمْرَةٍ
وَيَحُومُ ذَاكَ عَلَى رِتَاجِ الْبَابِ
وَيَسُومُكَ الْفَرَّاشُ شَرْحَ رِسَالَةٍ
وَيَرُومُكَ السَّاقِي لِعَرْضِ كِتَابِ
وَتَظَلُّ تَحْفِرُ بِالْيَرَاعِ جَدَاوِلاً
وَلَوَائِحًا سُودًا بِغَيْرِ حِسَابِ
مُتَبَرِّمًا مِمَّا يَشُقُّ عَلَى النُّهَى
مُتَلَوِّيًا مِنْ شِدَّةِ الْإِكْبَابِ
وَتَرَى الرَّئِيسَ مُنَاوِحًا لَكَ قَائِلاً
اشْرَحْ وَحَرِّرْ وَاحْتَفِلْ بِجَوَابِ
بِيَمِينِهِ التَّوْقِيعُ يَحْسَبُ أَنَّهُ
تَوْقِيعُ قَيْصَرَ فِي وَغًى وَغِلاَبِ