الموظفون:
الموظَّفون درجاتٌ وأصناف، فمنهم المُجِدُّ البشوش الذي يَلْقى مراجعِيه بابتسامة تبعث على التفاؤل والانبساط، ويحرص على أن يؤدِّيَ واجبه على أتمِّ وجه، ويَخرج المراجِعُ من عنده مسرورًا، سواء كان قد حَصَل على مرامه، أو أنَّ الموظف لا يقدر على القيام بما طلب، ولكنَّه يُقدِّم له الاعتذار، ويبيِّن له الأسباب والموانع في لفظ لطيف، وقول جميل.
وهذا النَّوْع من الموظَّفين هم الجديرون بإسناد الأعمال إليهم، والثِّقة فيهم، وهم الحريُّون بالتشجيع والتعضيد.
وهناك مِن الموظَّفين مَن يظن التربُّعَ على كرسي الوظيفة هو للاستعلاءَ والخيلاء، والغطرسة وإذلال المراجعين، فتراه فظًّا غليظًا، جافيًا مقطَّب الجبين، كأنَّ الناس يأكلون مِن كدِّه وكدِّ أبيه، حتى فيما هو حقٌّ لهم لا امتراءَ فيه.
ومِن هذا الصِّنْف مَن يبخل بردِّ السلام، ومَن يترك جوابَ المتكلِّم صاحب المراجعة مستهينًا به، ومِنهم مَن يُوصِد بابَ مكتبه دون أصحاب الحوائج، وأرباب المعاملات، ويَدَعُهم وقتًا طويلاً لا يُكلِّمهم، فيخرج الناس مِن عنده وهم يتمنَّوْن لو أنَّ الأرض ابتلعتهم ولم تُحْوِجهم إلى لئيم مثله، ومِن الموظَّفين مَن دَأبُه تعطيل المعاملات وعرقلتها، ومنهم مَن لا أمانة عنده، وإنما يسير في عمله حسبَ هواه وأغراضه، ومنهم مَن يحقد ويؤذي.