عامل مثابر:
أعرِفه دؤوبًا على العمل، يأتي أوَّلَ الموظَّفين، ويخرج آخرَهم، هذه أغلب حالاته، وهذا دَيْدَنه، وقد أمضى سنين كثيرةً دون أن يتمتَّع بإجازته، فهو يهوَى عملَه، ويحرص عليه، ويصبر على ما يجده مِنَ المراجعين - وما أكثرهم!
وقد نصحتُه بأن يأخذ إجازاته، وأن يستجِمَّ من عناء العمل المتواصِل؛ رفقًا بنفسه، وحتى يعودَ من الإجازة نشيطًا مرحًا، ويبدو أنه قد اقتنع بكلامي، وإن كنتُ لستُ متأكِّدًا من أنه سيخلد للراحة بعض الوقت؛ لِمَا أعلمُه فيه من حبٍّ لعمله، وشعور بالمسؤولية حيالَه.
وقد لا يجد مثلُ هذا الموظَّف التقديرَ الذي يستحقُّه، والجزاءَ اللائق به، ولكنَّه يشعر براحة بال، وهدوء خاطر، وهو يؤدِّي واجبَه في نزاهة، وحِرْص على القيام به على أتمِّ الوجوه وأفضلِها، وأحسب أنَّ تقدير المجتهدين ومَن يُقدِّمون أعمالاً نافعة، وأفكارًا سديدة هو مِن أهمِّ ما ينبغي الاعتناءُ به؛ تشجيعًا للمجد، وحثًّا للمقصر، وحفزًا للهِمم، وترغيبًا على إحسان العمل وإتقانه.