دولة للإيجار
لأن الناس ضاق بهم أفق الحياة، بسبب الفقر وانعدام الحريات ، وما عاد لديهم أمل في الغد، بسبب تفشي الفساد والمفسدين، فقد خرجوا للشوارع يصرخون، نريد إسقاط النظام ، نريد إصلاح النظام ، فاذا طفح الكيل بما يكفى، وخرج الأمر من منطق الثورة إلى منطق الثأر، صرخوا، الشعب يريد رحيل النظام ، لكن كيف يمكن أن يكون رد أي شعب، اذا استقبل صباحه بخبر يقول إن مسؤولي دولتهم، قد عرضوها وعرضوهم معها للإيجار على طريقة، أجرّ الدولة وخذ شعبها مجاناً!! هل يبدو الأمر مضحكاً ؟ فهل تعتقدون أنه مزحة لا سمح الله؟ لا، أنه خبر صحيح 100%، وهو يخص دولة، لا تمت للعالم الثالث ولا لوسط أفريقيا ، لكنه يخص دولة ،تقع على جبال الألب في أوروبا !!
لقد تم الإعلان عن تأجير دولة ليختنشتاين الواقعة على جبال الألب، والمحصورة بين سويسرا والنمسا بـ 70 ألف دولار لمدة ليلتين، ومن حق المستأجر أن ينظم أي نشاط يريده سواء كان إقامة مؤتمر، أو حفل له ولأصدقائه التسعمائة المقربين، كما ينص عقد إيجار جمهورية ليختنشتاين، التي لا يزيد عدد سكانها على 35 ألف نسمة ، حيث سيتاح للمستأجر تسمية أحد الشوارع أو الميادين في المدينة الرئيسية باسمه، وإصدار عملة خاصة به تحمل صورته، ولكن بصورة مؤقتة ، إلى حين يأتي زبون آخر ويطيح به ويعيد تسمية الشوارع والميادين ويسجلها باسمه ويعيد إصدار العملة أيضاً !!
الخبر طريف جداً ، وهو مخرج وجده مسؤولو هذه الدولة للخروج من أزماتهم المالية على ما يبدو ، لكن لم يقل لنا الخبر إن كان الشعب قابلا بهذه الخطوة الغريبة أم لا ؟ فلم يحدث في أي زمان إن قامت دولة بتأجير نفسها وشعبها، وكأنها غرفة أو فيلا، لأي شخص قادر على دفع ثمن الإيجار، قد لا يبدو الأمر مزحة طريفة لكنه بالتأكيد يعد سابقة سياسية خطيرة ، وخطوة في طريق الغاء الدولة، لأنها بهذا الفعل تفقد شروط الدولة سياسياً ،لكن الأمر سيتحول الى كارثة إذا ما انتقلت موضة تأجير الدول الى مناطق أخرى لا تملك أن تصيح لا بإصلاح النظام ولا برحيل النظام وهنا سيتحول الشعار إلى : الشعب يريد تأجير النظام !!
الخبر الآخر الذي صدرته تركيا، للعالم هو تنحي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن منصبه لمصلحة رئيس الوزراء الجديد أوموط بيرقدار (12 عاماً) الذي فاز بالمنصب.. لا تستغربوا فاردوغان صاحب المفاجآت، تنازل عن منصبه للصبي ليوم واحد فقط عبر انتخابات حرة أجريت في عموم المدارس الابتدائية في تركيا، وشارك فيها ما يزيد على 14 مليون ناخب من الأطفال الأتراك، فيما باتت الطفلة بنكي سو شاهين (11 عاماً) أول رئيسة للجمهورية رغم أن ولايتها لن تتجاوز يوماً واحداً هي الأخرى، وقد كان مشهد الرئيس التركي وهو يجر كرسيه ليساعد الرئيسة الصغيرة على اعتلاء كرسي الرئاسة، مثيراً للتأمل !!
دول يتم تأجيرها حتى وإن قال البعض إنها ليست سوى ليختنشتاين، فالأمر ليس عبثياً حسب اعتقادي ، وصغار يتولون الرئاسة أمام كاميرات الدنيا، ليثبت البعض لياقته السياسية العالية والأيام كما يقولون حبلى بالمشاهد والمفارقات، بعد أن صار مشهد الثورات والهرج واختلاط الحابل بالنابل والقنابل مشهداً يمر عليه الجميع مرور الكرام .. الله ينجينا من القادم .