«توق البدر»
ليس من عاداتي متابعة المسلسلات في شهر رمضان أو غير رمضان، وربما هذا راجع إلى حالة الإحباط التي أعيشها مع أغلب الدراما العربية والخليجية والمحلية، التي تقدم صورة بعيدة عن الواقع الحقيقي، وتجلب الكآبة في بعض الأحيان، لكن ثمة أعمالا تجبرك على أن تحترمها وتقدر كاتبها ومخرجها والعاملين فيها كافة، وتحرص على مشاهدة أغلب حلقاتها من هذه الأعمال العمل الدرامي “توق” رائعة الأمير بدر بن عبد المحسن، وإخراج مخرج الروائع شوقي الماجري.
شخصياً، أعتبر نفسي من عشاق ومحبي أشعار الأمير بدر بن عبد المحسن، وأحفظ له العديد من الأبيات والقصائد المغناة، وأعتبره قبل ذلك رائد التجديد في الشعر النبطي وفي الأغنية الحديثة، وعندما يقدم البدر أي عمل أدبي آخر غير الشعر مثل روايته “توق”، ثم تحول بعد ذلك إلى عمل درامي بهذا الحجم، لا بد أن ينتابك الفضول لمعرفة مكنونات هذا العمل الدرامي الكبير لا سيما أننا أمام حالة خاصة وتجربة طويلة مع الكتابة والشعر لشاعر كبير بحجم الأمير بدر بن عبد المحسن، أضف إلى ذلك الترقب الكبير من محبي ومتذوقي أشعار البدر لكل ما هو جديد في عالم الكلمة الشعرية.
ويقدم البدر رائعته “توق”، التي تدور أحداثها في صحراء الجزيرة العربية إبان أواخر الحكم العثماني أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ويمزج البدر فيها بين الحضارة والبداوة التي شهدت اهتمام المستشرقين والباحثين عن كل ما هو تراث وخيالي في هذه المنطقة من خلال قصة صراع وقصة حب بدوية تنتهي كسراب، فيما يقدم شوقي الماجري صورة تلفزيونية وفلسفة إخراجية لا تقل روعة عن القصة من خلال استخدام التقنيات الجديدة.
عندما يتاح لأي عمل فني أو أي عمل آخر كل عناصر النجاح، فحتماً سيكون الناتج أفضل وأجود، وفي “توق” أتيحت له العديد من عوامل النجاح بدءاً من اسم الكاتب، مروراً بكاتب السيناريو والحوار عدنان عودة والممثلين الكبار الذين احتشدوا في العمل أو من حيث الميزانية المصروفة على العمل وانتهاء بالإخراج لمخرج حاز العديد من الجوائز وصاحب فلسفة خاصة في إنتاج الصورة الإخراجية النهائية للعمل. في السنوات القليلة الماضية، أحدثت التقنية في الكاميرات الديجتل أو كاميرات التصوير الفوتوغرافي ذات خاصية تصوير الفيديو ما يشبه الثورة الحقيقية في هذا العالم، ذلك لأن الكاميرات الجديدة قليلة التكاليف، لكن مردودها يفوق في كثير من الأحيان الكاميرات ذات التكلفة العالية، وبالتالي فهي فرصة للجميع في استخدام تلك التقنية لإعطاء المشاهد صورة مختلفة عن ما كانت عليه في السنوات الماضية.