الجميع يتحدث عن موضوع الاقتطاع على الخدمات ، وكيفية التعامل معها والعبء الجديد الذي وضع بموجب قانون ضريبة الدخل على المكلفين الملزمين بهذا الاقتطاع ، وقد أصبح هذا الامر يثير القلق كغيره من الامور الواردة في القانون الجديد والتي لها خصوصية معينة في التعامل ، وبالتالي فاننا نجد انه من الواجب اعادة طرح هذا الموضوع وشرحه بشي من التفصيل ، وبيان آلية تطبيقة والهدف من النص عليه .
لقد نصت المادة 12 ـ 1 من قانون ضريبة الدخل على ما يلي يتم اقتطاع الضريبة فيما يتعلق بالدخول المبينة تاليا من المصدر من قبل من يدفعها وفق النسب المحددة ازاء كل منها : 1 ـ الدخل من بدل الخدمة الذي يدفعه شخص اعتباري مقيم الى شخص مقيم بنسبة ( 5 % ) ، ... وقد جاءت المادة 12 بمجموعة من الدخول منها ثلاثة دخول تعتبر الضريبة المقتطعة عنها قطعية واربعة دخول يتوجب الاقتطاع منها ولكن لا تعتبر تلك الضريبة قطعية حيث تعتبر تلك المبالغ دفعة على الحساب للشخص الدافع وكذلك بالنسبة للشخص المستفيد حيث تدخل في الدخل الاجمالي للمكلف وتعتبر دفعة من الضريبة التي يتوجب دفعها وتخصم من الضرائب التي يتوجب عليه دفعها في نهاية الفترة الضريبية او العام ويلتزم الشخص الملزم بالاقتطاع وفق احكام هذه المادة بأن يورد المبالغ المقتطعة للدائرة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ دفعها او استحقاقها وفي حال تخلفه عن الاقتطاع تحصل الضريبة منه وكأنها ضريبة مستحقة عليه اعتبارا من التاريخ المحدد لتوريدها .
لقد حددت الفقرة 1 من المادة 12 الدخل الذي يتوجب الاقتطاع منه وهو الدخل من بدل الخدمة الذي يدفعه شخص اعتباري مقيم الى شخص مقيم بنسبة ( 5 % ) ، وبالرجوع الى قانون ضريبة الدخل لا نجد في اي من مواده تعريفا للخدمة ولكن بالرجوع الى المادة 2 من قانون ضريبة المبيعات نجد أنه قد عرف الخدمة بانها :
( كل عمل يقوم به الشخص لقاء بدل بما في ذلك تقديم منفعة الى الغير ولا يشمل هذا العمل تزويد سلعة . )
وحيث ان قانون ضريبة الدخل اخضع نشاط الاعمال لضريبة الدخل وهو يشمل النشاط التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو المهني او الخدمي او الحرفي الذي يمارسه شخص بقصد تحقيق ربح او مكسب فقد كان من الواجب تعريف الخدمة ضمن احكامه .
ليست المشكلة في تعريف الخدمة او الخدمة المنفردة او الواضحه مثل استشارة او نظافة او ما شابهها ولكن المشكلة في اشتراك تقديم الخدمة مع السلعة واختلاطهما بشكل لا يمكن معه بيان سعر كل منها مثل خدمة تقديم الاكل في المطاعم والفنادق التي تشمل الطعام او اعمال الصيانة او المقاولات التي تشمل تقديم مواد ولا نجد لهذا الامر معالجة في قانون ضريبة الدخل ولكن مثل هذه المعالجة موجودة في المادة ( 5 ـ ب ) من قانون ضريبة المبيعات التي نصت على ما يلي : للمدير اعتبار المكلف بائعا لسلعة أو خدمة اذا قام ببيعهما معا وفي آن واحد حسب مقتضى الحال وللمكلف فصل حساباته الخاصة ببيع السلعة عن حساباتة الخاصة ببيع الخدمة ، هذا الامر ولعدم معالجته في قانون ضريبة الدخل سيسبب اشكاليات في طريقة التعامل مع الخدمة والسلعة المشتركة .
طبعا ما ورد في الفقرة 2 المتعلقة بفوائد الودائع والعمولات وارباح الودائع المشاركة في استثمار البنوك والشركات المالية فهي لا تعتبر من قبيل الخدمات وان جاء النص عليها بوجوب الاقتطاع الا انها لا تعتبر خدمات وكذلك الامر بالنسبة لبدل ايجار العقار الذي يتوجب الاقتطاع منه بنسبة ( 5 % ) اذا كان المستأجر من غير الاشخاص الطبيعيين حيث لا يعتبر بدل تقديم خدمة بل هو بدل منفعة وكذلك الدخل من الوظيفة المتأتي لشخص طبيعي كذلك لا يعتبر خدمة بالمعنى المقصود حيث تم ايراد تعريف محدد للدخل من الوظيفة وبالتالي نستطيع القول بانه ليس بدل خدمة ولكن يتم الاقتطاع عنه .
الغاية من الزام المكلفين بالاقتطاع حسب القانون الجديد بخصوص الخدمات قد يكون اكثر من سبب منها عدم السيطرة على موضوع افتعال او اصطناع مصاريف غير حقيقية لاحقا وهذا الامر بحد ذاته يشكل جريمة حسب قانون ضريبة الدخل ، الامر الثاني ان الاشخاص الذين يقومون بتقديم تلك الخدمات هم بالاصل اشخاص اصحاب مهن وحرف ومن الصعب السيطرة على مقدار دخولهم او محاسبتهم وفق الدخول التي تتحقق لهم وبالتالي فان اقتطاع هذه النسب من الاشخاص الذين يقدمون لهم الخدمة قد يكون السبيل الأيسر لمحاسبتهم عن دخولهم الفعلية ، وان كان هذا يعني نقل عبء التحصيل على متلقي الخدمة حيث ان هذه المهن على بساطتها الا انها تشكل رقما لا يستهان به من الدخل القومي سيسهل موضوع محاسبته لا سيما وان الكثيرين من اصحاب تلك الخدمات كانوا لا يقومون بمراجعة الدائرة لانهاء امور محاسبتهم عن دخولهم وهم ايضا لن يقوموا بالمراجعة لقناعتهم بان اعفاءاتهم الشخصية ستغطي مقدار دخولهم .
وهنا لا بد لنا من ايراد الخدمات المعفاة مرة اخرى للتذكير بان الشخص الاعتباري الذي يدفع مقابل هذه الخدمات غير ملزم بالاقتطاع وهذه الخدمات حسب التعليمات رقم ( 1 ) لسنة 2010 مستثناه من أحكام الاقتطاع وهي : 1 ـ خدمات الأنشطة المصرفية المقدمة من البنوك . 2 ـ خدمات أنشطة التأمين. 3 ـ خدمات أنشطة الاتصالات المقدمة من قبل شركات الاتصالات الأساسية. 4 ـ خدمة نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية المقدمة من شركات الكهرباء المساهمة العامة . 5 ـ خدمات النقل الجوي . 6 ـ أي خدمة أخرى يوافق عليها الوزير بتنسيب من المدير ، وقد صدرت تعليمات الوزير ايضا باعفاء الخدمات التالية : 6 ـ خدمات الشحن البحري وخدمات الوساطة بالعمولة المتعلقة بها . 7 ـ خدمات النقل البري وخدمات الوساطة بالعمولة المتعلقة بها .8 ـ خدمات التأجير التمويلي المؤداة من أشخاص اعتباريين مرخصين بذلك. 9 ـ خدمة الفنادق والمطاعم . 10 ـ خدمات التخليص . 11 ـ خدمات البرمجة المقدمة من الشركات 12, ـ خدمات الاستشفاء المقدمة من المستشفيات 13, ـ خدمات الدعاية والإعلان . 14 ـ خدمات النظافة . 15 ـ خدمات الأمن والحماية . 16 ـ خدمات التدريب المقدمة من الشركات. وبالامس اصدر وزير المالية بيانة بانه سيتم اضافة قطاع الانشاءات والمقاولات الى تلك الخدمات.
ان الالتزامات والاعباء الكبيرة التي قد يقع بها متلقى الخدمات نتيجة الخلط بين مفهوم الخدمة او السلعة او الخدمة المقترنه بتقديم المواد قد يرتب عليهم غرامات ومبالغ هم بغنى عنها كما ان ذلك سيشكل عبئا في تدقيق كل خدمة يدفعوا مقابلها حسب التعليمات المتعاقبة لبيان ما هو الخاضع للاقتطاع وما هو المعفى هذا كله يطرح سؤالا يمكن ان يحل هذا الموضوع وهو لماذا لا يتم النص على مبلغ محدد كسقف للمبالغ التي تكون خاضعة للاقتطاع مثلا 100 دينار وقابل للدراسة من قبل الدائرة مثلما تم وضع القانون حد للفاتورة القابلة للاستهلاك حسب احكام المادة 5 ـ ح ـ 2 والتي جاءت بقولها :
تنزل للمكلف المصاريف المقبولة بما في ذلك المصاريف المبينة تاليا على ان تحدد التعليمات التنفيذية احكام واجراءات هذا التنزيل :
ح ـ استهلاك الأصول الرأسمالية واطفاء الاصول المعنوية بما فيها الشهرة المستعملة لغايات إنتاج الدخل الخاضع للضريبة ومصاريف التنقيب عن المصادر الطبيعية وفق الاحكام التالية :
2 ـ يتم تنزيل تكلفة الأصول التي تقل قيمتها عن مائة دينار بالكامل في الفترة الضريبية التي تمت فيها حيازتها.
الموضوع الذي يجب البت فيه ايضا هل عدم الاقتطاع يعني عدم امكانية الاستفادة من هذه الخدمة كمصروف للمكلف حسب احكام المادة 11 ـ ط من القانون القديم التي لا يوجد لها مقابل في القانون الجديد ، ام انها فقط تجعل من لا يلتزم بها خاضع للغرامة والتعويض المدني الذي يصل الى 100 % من قيمة المبالغ المتهرب عن اقتطاعها .