وفي الشمال وبالقرب من مدينة اربد تقع مدينة أم قيس الأثرية، وتطل آثارها على وادي اليرموك وغور الأردن وبحيرة طبريا وتقابلها هضبة الجولان، وقد بنيت منشآتها الرومانية من شوارع ومسارح وحمامات من حجر البازلت الأسود، كما تتميز المدينة بأضرحتها الفخمة وأسواقها وبواباتها وكنائسها والنفق الذي يعتبر تحفة في هندسة الري.
(( أم قيس ))
«أيها المار من هنا، كما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة لانك فان»
بهذه الكلمات المحفورة على حجر الشاهد لقبر شاعرها القديم آرابيوس يخاطب ضيوف ام قيس او كما عرفت قديما «جدارا»، لتدلل على المكانة الثقافية الرائدة لهذه المدينة على مستوى بلاد الشام، مثلما تدلل آثارها على عظمتها التاريخية.
تقع أم قيس، المدينة الأثرية على بعد 30 كيلومترا من مدينة اربد شمال الاردن وهي إحدى مدن الديكابوليس العشر، وفيها الكثير من الآثار الرومانية والاغريقية كالمدرج الغربي المطل على بحيرة طبريا في فلسطين وهضبة الجولان ونهر اليرموك، وشارع الأعمدة المبلط بالحجارة، والحمامات الرومانية، وسبيل الحوريات.
((صورة لبحيرة طبريا من ام قيس ))
ينتابك الشعور بالتسامي وانت تمشي على طريق هذه الحضارات القديمة التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام. إن بقايا هذه الحضارات تروي لنا قصة الكثير من المسافرين الذين دخلوا أبوابها القديمة، إبتداءًًًً من المكدونيين الذين قاموا في البدايه بتأسيس الاكروبوليس مروراً بالرومان البيزنطيين والأمويين والعثمانيين. تقع ام قيس على نتوء عريض يرتفع 378 متراً فوق سطح البحر وفي الأزقة القديمه، كانت «جدارا» تقع في موقع إستراتيجي، ويمر بها عدد من الطرق التجارية التي كانت تربط سورية وفلسطين. وقد باركها الله بأرض خصبة ومياه الأمطار الوفيرة. وقد إزدهرت هذه المدينة من الناحيه الفكرية وأصبحت مدينة مميزة لجوها العالمي. فلا يزال قسم كبير من المسرح الروماني الغربي قائماً حتى يومنا هذا بالرغم من الإضطرابات التي حدثت في المدينة على مدى التاريخ. فلا تزال الممرات المقنطرة وصفوف المقاعد شاهدة للعيان، وهي مبنية من حجر البازلت القاسي. ويوجد في المسرح صف من المقاعد المحفورة للشخصيات المهمة بالقرب من الأوركسترا.
ويوجد في الوسط تمثال رخامي كبير لا رأس له، وهو يعود الى (تايخي)، وهو معروض الآن لمشاهدته في المتحف المحلي. وفي الجهة المقابلة للمسرح، يقع الشارع المبلط والذي يرجح أنه كان المركز التجاري للمدينة، وبالقرب من مسرح البازالت الأسود توجد الشرفة التي يوجد فيها الساحة والكنيسة والكنيسة الرئيسية
يوجد مسرحان في جدارا، وهناك مسرح ثالث كان يوجد في الحمة المشهورة بمياهها المعدنية. وهناك بقايا المسرح الشمالي، وهو أكبر المسارح، ويمكن مشاهدته على رأس التلة بجانب المتحف. والمسرح الغربي والذي حوفظ عليه بعناية فائقة هو المشهد المميز لجدارا. وقد بني المسرح من حجر البازالت الأسود. ويعود تاريخ هذا المسرح الى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد وباستطاعة المرء أن يتمتع بمنظر في غاية الروعة عند الغروب من الصفوف العليا لمقاعد المسرح. نيمغايوم هي نافورة لها أحواض ومحاريب ويزينها عادة تماثيل صغيرة من الرخام، وهي تقع على (ديكومانوس) بالقرب من تقاطع الشارعين الرئيسيين المبلطين (كاردور وديكومانوس) في الجهة المقابلة للشرفة ويعتقد أن هذا النصب التذكاري قد كرس لألهة المياه القديمة. يمكن مشاهدة آثار مجمع حمامات يعود الى القرن الرابع الميلادي بالإتجاه شرقاً على طريق ترابية صغيرة تبعد بحوالي 100 متر من تقاطع الشوارع المبلطة وتستطيع أيضا الوصول الى الأجزاء السفلية للحمامات بسلوك طريق ترابية مقابلة للمسرح الغربي وهي حمامات رومانية تقليدية وفيها غرف تحتوي على الماء الساخن والدافئ والبارد، وكذلك غرفة لتغيير الملابس ويبدو أن هذه الغرفة قد توقف استعمالها في اوائل القرن السابع الميلادي. وعلى بعد حوالي 500 متر من الحمامات الرومانية تستطيع أن تجد نصباً تذكارياً رومانياً تحت الارض، وقد تمت المحافظة عليه بعناية فائقه وهو النصب التذكاري الغربي. ويقع خلف النصب التذكاري الصهريج المصنوع من حجر البازالت الأسود (صهريج الماء السفلي). وهناك الدرجات التي تؤدي الى القاعة الأمامية وهي شرفة النصب التذكاري نفسه وقد تم مؤخراً اكتشاف كنيسة كبيرة لها خمس ممرات فوق النصب التذكاري.
وتستطيع أيضا أن تشاهد القبور المحفورة من الصخور وهي منتشره حول ضواحي جدارا. على بعد 800 متر من النقطة التي يتقاطع فيها الشارعان الرئيسيان المبلطان، أو 200 متر من النصب التذكارية، تستطيع أن تجد آثار البوابة الغربية للمدينة، وهي عبارة عن أساسات البوابة. ويحيط بالبوابة أبراج دائرية تنتشر حول (ديكومانوس). وعلى بعد 400 متر من البوابة الغربية توجد بقايا بوابة على شكل قوس ثلاثي الأضلاع، وهي تمثل توسع حدود المدينة في النصف الأخير من القرن الثاني الميلادي. ويلي المسرح الغربي شرفة معبدة ومبلطة، وتشمل بعض الأبنية المتبقية على الشرفة على القاعة المركزية المبلطة والتي كانت تستخدم كساحة للكنيسة، وبناء ثماني الشكل كبير الحجم تابع للكنيسة المركزية، وبناء ناتئ نصف دائري وهو بقايا الكنيسة ذات الثلاث ممرات الواقعة بين الكنيسة المركزية والمسرح الروماني الغربي وإلى الغرب هناك أبنية مقنطرة تدعم الشرفة. يقع متحف ام قيس في بيت الروسان، وكان يستعمل في الأصل كمنزل للحاكم العثماني. ويعرض في هذا المتحف من ضمن الأشياء الأخرى التماثيل والفسيفساء والعملات المعدنية، وهي من ضمن الاكتشافات الأثرية التي تم العثور عليها.