بينما تخضع الطبقة الاجتماعية الوسطى لضغوط مادية "صعبة" وفق دراسات متخصصة، يعتقد اقتصاديون أنها ستصبح أسوأ حالا إذا "استمرت السياسات الاقتصادية الحكومية باستهدافها وتجاهل تنميتها".
وتنبع مخاوف بعض الاقتصاديين من تعمق سياسات فرض ضرائب المبيعات والضرائب الخاصة وإزالة الدعم عن بعض السلع الأمر الذي سيلحق الضرر بجميع شرائح الطبقة المتوسطة لا سيما المتدنية منها.
ويحذر اقتصاديون من مغبة استمرار آثار تردي الأوضاع الاقتصادية للطبقة الوسطى في المملكة لاسيما وأنها تعد بمثابة العمود الفقري للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأي دولة كانت.
هذا وتشير الترجيحات إلى أن الحكومة الحالية ستعتمد إلى رفع الدعم المخصص لبعض السلع الأساسية أو فرض ضريبة خاصة على المحروقات لغاية التخلص من تشوهات الموازنة.
ويتخوف خبراء من آثار بعض السياسات الاقتصادية الحكومية على مستقبل الطبقة المتوسطة لا سيما سياسة الضرائب الاستهلاكية التي تستهدف جيوب المواطنين بالدرجة الأولى لغايات سداد عجز موازنة الدولة.
وفي الوقت الذي ما تزال فيه الطبقة المتوسطة تحتمل مستويات التضخم الحالية إلا أن عودة طفرة الأسعار التي حدثت بين عامي 2006 - 2008 ستكون بمثابة الموجة التي تزج بكثير من شرائحها باتجاه المنطقة الأقرب من خط الفقر.
ويقول الخبير الاقتصادي، الدكتور يوسف منصور، "إن استمرار نهج الحكومة في فرض الضرائب الاستهلاكية سيضر الطبقة المتوسطة لا سيما ضريبة المبيعات التي تضعف القدرة الشرائية للمندرجين تحت مظلتها ما قد ينتقل بهم إلى ما دون خط الفقر في ظل ارتفاع الأسعار وموجات التضخم".
ويبين منصور أن الأشخاص المصنفين على أنهم من ضمن الطبقة المتوسطة باتوا أقل قدرة على الادخار من السابق خصوصا في ظل لجوئهم إلى بيع ما يملكون من أصول لغايات الاستهلاك الأمر الذي يعيق تحسن أوضاعهم المالية خلال السنوات المقبلة.
ويشير منصور إلى أن الأوضاع الاقتصادية للأفراد الأقل دخلا في الطبقة المتوسطة أصبحت أكثر عسرا بسبب ارتفاع الأسعار على مر السنوات السابقة وهذا يعني أنهم يتجهون نحو خط الفقر أكثر فأكثر.
ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عبد خرابشة، أن توجه الحكومة لفرض مزيد من الضرائب التي تعتمد على المواطنين في تحصيلها سينعكس سلبا بطبيعة الحال على الطبقة المتوسطة إلا إذا تمت إعادة النظر في السياسات الضريبية والبحث عن بدائل لتقليص عجز الموازنة.
ويقول خرابشة "لا بد من اللجوء إلى سياسات منطقية ومبدعة والابتعاد قدر الامكان عن تضييق الحال على أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية".
ويبين خرابشة أن عجز الموازنة الذي يؤرق الحكومة دفعها للجوء إلى طرق عديدة لتقليصها من ضمنها توسيع دائرة ضريبة المبيعات.
غير ان خرابشة ينتقد اسلوب الحكومة في تقليص عجز الموازنة من خلال فرض الضرائب لأن هذا الاجراء سيقلص حجم النقد في الأسواق وهو الأمر الذي يتعارض مع زيادة ضخ النقد في أوقات الأزمات.
واقتراح خرابشة تقليص الانفاق العام – غير الضروري – بدلا من اللجوء إلى زيادة الاعباء الضريبية في الوقت الحالي.
من ناحيته، يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي إن "أداء الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية سيكون رهن أداء وقرارات الحكومات خلال السنوات المقبلة".
ويعتبر مرجي أن المؤشرات الاقتصادية الحالية لا تبشر بتحسن أداء الطبقة المتوسطة؛ إذ تعاني شريحة كبيرة منها من تآكل دخولها نتيجة ارتفاع الأسعار مقابل ثبات الدخل في الوقت الذي لم تحقق الفائدة المرجوة من ثمار النمو الاقتصادي.
وبين مرجي أن لجوء أفراد الطبقة المتوسطة إلى بيع ممتلكاتها من الأصول مثل العقار أو الأسهم أوالاستعانة بحوالات العاملين لتدبير أمور الحياة يؤشر على تآكل الدخول