تعرف على مدينة صبراتة الفينيقية - صبرة
تعريف : إن مدينة صبراتة هي إحدى المدن الكبرى الثلاث ، التي أسسها التجار الفينيقيون ، وظلت في الوجود إلى دخول العرب إلى ليبيا . وتعرف عندهم بمدينة صبرة ، فقد وصفها التيجاني في رحلته إلى طرابلس قبل سبعة قرون ، أي سنة 706هـ ، في كتابه حيث ذكر أن تلك المدينة تقع بجانب مدينة زواغة ، وهي في القديم قاعدة ذلك الموقع كله ، ولم يكن هناك أحصن منها . فقد صارت إليها حملة بقيادة عبد الله بن الزبير ، ولم نيج من أهلها إلا أناس قلائل توجهوا في مراكب لهم إلى صقلية ، وقد استولى أصحاب عمرو بن العاص على من فيها .
صبراتة في التاريخ القديم : ظلت صبراتة Sabrat أو صبراتن Sabrathan ، كما ظهرت في النقود البونيقية منذ القرن الأول ق.م محتفظة بهذا الاسم القديم ، وقد دعاها اليونان باسم لبروتن بوليس كاي ليمن Labroton polis kai limen بمعنى ميناء ومدينة بروتونس . وقد استنتج المؤرخ بليني منها الشكل اللاتيني هبروتونم (Habrotonum) ويحتمل أن الكلمة كانت تعني أصلا سوق الحبوب Mercato del grano ، ويعتقد أن القمح كان يجلب من بلاد الإغريق في مقابل شراء العاج والذهب وريش النعام ، الذي كان يجلب من أواسط أفريقيا إلا أن هناك رواية أخرى تذكر أن القمح كان ينتج بمنطقة صبراتة ويصدر من مينائها .
هذا وقد أقيمت في صبراتة بعض الحفريات ، أسفرت عن وجود أول مستعمرة فينيقية تحت أنقاض المدينة الرومانية في المنطقة ما بين الميدان الروماني (Forum) ، والبحر . كما وجدت تحت المساكن الدائمة أرضية من الطينة المضروبة لأكواخ موقتة ، مما يدل على وجود عهد طويل سابق للعهد الروماني . وقد أظهرت أرضيات هذه الأكواخ بعض الأدوات اليونانية مصنوعة من الفخار يرجع تاريخها إلى القرن السادس ق.م ، وأوائل القرن الخامس ق.م . وقد وجدت على شكل منزل ذي غرف صغيرة مبني جزء منها بقرميد من الغرين ومحاط بسور ظهرت أساساته في الجهة الشمالية لفناء المعبد الروماني المسمى بليبرباتر (Liber pater) ، أو الإله ديونيزيوس . وقد تبين لعلماء الآثار أن المدينة الفينيقية وسعت أسوارها بعد قرنين من الزمان ، فقد وجدت آثار لمساكن فينيقية في الداخل حتى الجانب الجنوبي للمعبد الانطونيني . ويظن أن ميدان سوق المدينة الفينيقية كان في المنطقة ، التي شيد عليها بعد ذلك الفورم الروماني ، حيث وجدت تحته آثار لمبنى عام كبير ولعدة مساكن للفينيقيين .
وقد تبين للباحثين أن المدينة الفينيقية واقعة على مساحة غير متناسقة الأبعاد ، وقد بقت آثارها رغما عن إعادة مبانيها من طرف الرومانيين ، وذلك في الجهة الكائنة شمال معبد ليبرباتر القريب من الميدان الرئيسي . وقد حولت المدينة الفينيقية إلى مدينة رومانية ابتداء من أواخر القرن الأول ق.م ، غير أن هذا التحويل حسب ما ذكر تم ببطء بخلاف مدينة لبدة ، التي أقام فيها الرومان منشآت ضخمة حيث جلبت لبناء المباني العامة الأعمدة الرخامية ، كما غطيت جدران بعض المنشآت المهمة بالرخام الناعم .