اعترافات امرأة
المقال فجر جدالا واسعا في المجتمع الكويتي، ثم تحول إلى مادة يتبادلها مستخدمو هاتف البلاكبيري، معلقين تعليقات إيجابية مؤيدة لما جاء فيه ولكاتبته، فماذا كتبت غنيمة الفهد رئيسة تحرير مجلة أسرتي الكويتية بشكل أثار كل هذا الجدل؟
هذا باختصار شيء مما جاء في مقالها الذي نشرته مجلة المجلة تحت عنوان “وحي الكلمات”:
“كبرنا وكبرت آمالنا وتطلعاتنا، نلنا كل شيء، نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف وأصبحنا كالرجل تماما : نسوق السيارة، نسافر إلى الخارج لوحدنا، نلبس البنطلون، أصبح لنا رصيد في البنك، ووصلنا إلى المناصب القيادية، اختلطنا بالرجال ورأينا الرجل الذي أخافنا في طفولتنا. ثم ماذا ...، المرأة غدت رجلا: تشرف على منـزلها، تربي أطفالها، و تأمر خدمها، وبعد أن نلنا كل شيء، وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت، أقول لكم وبصراحتي المعهودة: “ما أجمل الأنوثة، وما أجمل المرأة، المرأة التي تحتمي بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته، ويـحرمها من السفر، و يطلب منها أن تجلس في بيتها...... نعم …أقولها بعد تجربة: أريد أن أرجع إلى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في مجال الحياة والعمل”.
يريد كل رجل أن يسمع اعترافا كهذا، وتحتاج نساء كثيرات لأن يمتلكن الشجاعة للاعتراف بأن المعركة التي خاضتها كثرات منهن لم يكن لها أي ضرورة إذا كانت النتيجة مثلما وصفتها السيدة غنيمة الفهد، أن تعتمد على نفسها وأن تلبس كالرجال وأن تصارعهم كتفا بكتف وصراخا بصراخ، فالوظيفة الكونية للمرأة أسمى وأحلى وأعظم من ذلك بكثير، دون أن تكون إحدى سمات هذه الوظيفة الإلغاء والإقصاء والنظر إليها بدونية كما يفعل بعض ضيقي الأفق من الرجال والنساء معا للأسف، متعللين بحكاية نقصان العقل والدين، والتي فهموها بشكل خاطئ وطبقوها بشكل كارثي!!
لا أجمل من تحديد الأدوار، وحتى على صعيد الرقي والتقدم والحضارة، فإن المجتمعات والمؤسسات إذا ارتقت أكثر حددت ووصفت مهام أرادها، ووضعت خطوطا فاصلة وواضحة بين مهام ألف من الموظفين وباء من المديرين وجيم من العاملين، لكل فرد مهام وأدوار ومسؤوليات تضمن سير العمل بانسيابية وروح تعاونية يعرف كل واحد ماله وما عليه، وبالذات فيما يخص المسؤوليات والواجبات، أما أن يتعدى الموظف على صلاحيات المدير ويسحب الرئيس اختصاصات مرؤوسيه، فالنتيجة فوضى وضياع وصداع اجتماعي مزمن!
الكثير من النساء اليوم يعانين من صداع اجتماعي لكثرة ما حملن أنفسهن من المهام الضخمة، فنتيجة لصراع القوى في المنزل، وعلى عادة الرجل الأزلية في الهروب من المشاكل و”وجع الدماغ”، فإن الكثير من الرجال داخل الأسر قد تركوا الجمل بما حمل للمرأة كي تهنأ به كله، لأن المسألة أخذت في جوانب منها شكل الصراع والعناد أكثر من كونها ظاهرة اجتماعية طبيعية كان من الممكن أن تسير ضمن السياق الاجتماعي بشكل آخر.
اليوم يحتاج الرجل أن يعترف أيضا بأنه تخلى عن كثير من أدواره ضمن سياسته المعتادة القائمة على البعد عن كل ما يمكن أن يسبب له وجع الراس، فالحياة فيها من هذا الوجع الكثير، وعليه أن يحتمله، لا أن يهرب منه.