ثقة وعزيمة فتاة
لي صديقة وعت على الحياة فوجدت نفسها معاقة حركياً، غير أن الله وهبها أماً حنونة مؤمنة بأن قدرة الإنسان لا تحدها حدود، وأن كل إنسان هو وحده فقط قادر على تحديد مصيره وصنع قدره.
ترعرعت الفتاة الصغيرة في حضن أمها ذات العزيمة والإصرار، فلم تنظر لها على أنها تحتاج إلى رعاية متواصلة، بل عاملتها كأنها فتاة طبيعية مثلها مثل أخواتها، وربما بدرجة أكبر من الحب والاهتمام، فأصرت على تعليمها وعلى دمجها مع قريناتها ومع المحيطين بها، وعلى إكمالها لدراستها في أفضل وأعرق الجامعات، فسافرت إلى الولايات المتحدة لتتخرج بعد سنوات عدة، وتعود للعمل في الدولة في وظيفة مرموقة تجيدها بطريقة قد تكون مثالية أكثر من غيرها من الأصحاء.
تقول صديقتي إنها تعلمت من أمها الإصرار والثقة بالنفس، وهو ما سهل لها أموراً كثيرة في حياتها، بل وجعلها تتميز أكثر من غيرها، فلم تقبع حبيسة للكرسي المتحرك.
وتعلمت الاعتماد على الذات، سافرت وتنقلت بمفردها معتمدة على نفسها وعلى قدراتها الخاصة، ووجدت أن الناس يعاملونها في الولايات المتحدة بشكل طبيعي، بينما كانت تلاحظ أن الناس هنا يراقبونها عندما تذهب إلى الأسواق أو إلى أي مكان، وينظرون إليها بعين الشفقة والرحمة وربما يحاولون مساعدتها.
كان هناك نوع من الاعتقاد بأن ذوي الاحتياجات الخاصة لا بد أنهم يشعرون بالحزن والألم، وأنهم تعساء لا يشعرون بالسعادة، ولا بطعم الحياة، وأن معاناتهم متواصلة لأنهم محكومون بالبقاء على كرسي متحرك فتكون حركاتهم متوقفة على مساعدة الآخرين، غير أن ذلك ليس صحيحاً بالضرورة بطبيعة الحال، بل إنه اعتقاد غير مبرر، فتلك الفئة من البشر يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، وبصورة ربما تكون بدرجة أفضل من غيرهم.
في السنوات الماضية عرف الناس ووصلوا إلى قناعة بأن هؤلاء لا يختلفون عن غيرهم من أقرانهم، فهم قادرون على الإنتاج وعلى العمل وعلى ممارسة الحياة بصورة طبيعية، وإن كان لديهم بعض الاحتياجات الخاصة التي أسهم الجميع في توفيرها، لأن المجتمع صار واعياً ومدركاً لأهميتها في تسهيل حياة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين اندمجوا في محيطهم وفي المجتمع، فصاروا ضمن نسيجه المتناغم يقومون بأدوارهم في الحياة وفي خدمة المجتمع.
موضوع: ثقة وعزيمة فتاة 
14/8/2011, 10:21
