التكرار يعلم الشطار
استفسارات غريبة وأسئلة عجيبة، لا يسألها الأمي الذي أتقن صيامه وقيامه بالفطرة، تكثر في برامج الاستفتاء المخصصة للجمهور خلال شهر رمضان، عبر الإذاعات المختلفة والوسائل الإعلامية المتنوعة، سواء كانت عبر برامج تلفزيونية أو من خلال الإذاعات وبرامجها المتخصصة.. في كل عام تجد بعض الأسئلة التي ترد للقائمين على الإفتاء أو العلماء تتكرر وأحيانا تكون أسئلة بلا معنى وإجابتها لا تخفى على الطفل البالغ من العمر 9 سنوات، من شدة تكرارها..
والذي يزيد الطين بلة، حينما تكون أسئلة وإجاباتها معروفة لدى السائل، فالغرض من طرح السؤال كانت لمجرد المشاركة، ولم تكن لزيادة في العلم أو الحصول على المعرفة في المسألة التي يطرحها السائل..
وبعض الأسئلة لا ترتقي أن تذاع وتبث عبر القنوات الإعلامية المتنوعة، فأحيانا تدل على جهل صاحبها في أبسط الأمور.. وأحيانا أخرى تتعجب من الذي يسأل في أمور لا تخفى على غير المسلمين ومن دون مبالغة..
وذات مرة كنت أستمع لإحدى المحطات، ووردت عدة أسئلة من جمهور المستمعين حيث أتصل أحدهم وقال “يا شيخ هل الامساك يكون من الأذان أو من إقامة صلاة الفجر ؟ مع احتجاجه في حال إذا كانت الإجابة الشيخ أن الامساك يبدأ من إقامة الصلاة فعليهم رفع الإقامة عبر مكبرات الصوت” .. ومتصل آخر على محطة أخرى يسأل فضيلة الشيخ الزائر عن “الغرغرة” ويقول في سؤاله “يا شيخ هل الغرغرة في الوضوء تفطر الصائم وتبطل الصوم” ، وغيرها الكثير من الأسئلة التي تجعلك تقفل المحطة وتبحث لك عن برامج مفيدة أخرى، حيث يقول أحدهم أنه استيقظ باكرا ونسي أنه صائم وقام بغسل أسنانه بالمعجون.. فهل يمسك أو يفطر؟. طبعا هناك أسئلة أكثر من تلك التي عرضتها في زاويتي وأخرى تجعلك تتعجب من طريقة طرحها وأسلوبها ونوعيتها، وقد تكمن ملاحظتي على تلك المحطات الفضائية أو الإذاعات بضرورة الارتقاء بمستوى الطرح أو نوعية الأسئلة المقدمة، بما يرفع المستوى الثقافي ويساهم في زيادة معلومات المستمعين أو المشاهدين المعرفية مع مختلف مستوياتهم، وعدم الالتفاف الى الأسئلة التي تأخذ حيزا من وقت البرنامج، ولا تزيد إلا ضحكاً واستهزاءً بما يطرح في البرامج..
أصبح البعض يترصد لتلك البرامج وذلك من أجل سماع تلك الأسئلة التي تضحك لجعلها نكتة يومه مثل ذلك الذي سأل أحد العلماء أنه هل إذا هاتف الصائم صديقته يبطل صومه أم أنه لا شيء في ذلك، بالرغم من علم المتصل بأن العلاقة في حد ذاتها محرمة ولا يجوز أن تتم سواء كان في نهار رمضان أو باقي أيام السنة.
وأحيانا يتصل أحدهم ويتفلسف ويوضح للمستمعين بأنه يمتلك رصيدا معرفيا واسعا بالرغم من أن بعض المعلومات التي يطرحها بها مغالطات ويحاول مقدم البرنامج أو فضيلة الشيخ الذي يستقبل مكالمات الجمهور أن يوقفه أو يداخله ليعدل على ما يقوله المتصل.. ولكن لا حياة لمن تنادي الى أن يضطر مخرج البرنامج لقطع الاتصال من كثر الفلسفة..