مطلوب «شبيحة»
مع اندلاع أحداث الشغب والاضطرابات في بعض مناطق ومدن بريطانيا، وبالذات في عدد من أحياء العاصمة لندن، حملت أجهزة “بلاك بيري” ومواقع التواصل الاجتماعي كماً من النكت والتعليقات، وقد كان منها أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اتصل برئيس عربي من أولئك الذين ساموا شعوبهم سوء العذاب ودكوا مدن بلادهم بالدبابات والمدفعية الثقيلة، طالباًً منه أن يرسل له كتيبة من المرتزقة و”الشبيحة” حتى يتمكن من السيطرة على الموقف. وهناك نكتة أخرى تقول إن تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية قطع إرساله لتظهر على الشاشة غاضبة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا العظمى، وتلقي كلمة مقتضبة قالت فيها “سوف نجدكم، ونطاردكم فرداً فرداً من بيت إلى بيت، من أنتم أيها الفئران؟”.
وقد كانت من كبريات المبكيات المضحكات للمراقب، أن أربعة من أشرس الأنظمة فتكاً بشعوبها وانتهاكاً لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، أصدرت بيانات تدعو للجنة تقصي حقائق دولية في أحداث بريطانيا، بعد “الانتهاكات الخطيرة لحقوق الشعب البريطاني، وحقه في التعبير”، بينما قال بيان آخر من دولة قتل مدير مخابراتها 1300 من مواطنيه في سجن من دون أن يرف له جفن “إن كاميرون فقد شرعيته، ويجب أن يرحل”، وذهب تلفزيون تلك الدولة بعيداً، وهو ينقل نبأ عاجل بأن “ثوار بريطانيا أصبحوا على مشارف ليفربول، ويخوضون معارك كر وفر مع كتائب كاميرون ومرتزقة من آيرلندا وأسكتلندا”.
وقد تابع المراقبون قطع البرلمان في أعرق ديمقراطيات العالم إجازته للمرة الثانية في أقل من شهرين، ليتابع تطورات أحداث الشغب، ويخوض جدلاً فيما سيسمح للشرطة باستخدام خراطيم المياه أو الرصاص المطاطي أو سيضع بعض القيود على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما نشاهد ومنذ نحو خمسة أشهر وعبر شاشات التلفزيون و”فيسبوك” و”تويتر” كيف يجري امتهان الإنسان في تلك المجتمعات والدول التي “تباكت” على حقوق الإنسان البريطاني، شاهدنا لقطات لضابط ينهال صفعاً وركلاً على أحد مواطنيه دون أي مصوغ أو مبرر، ورأيناهم كيف يرصون شباباً وقد كبوا على وجوههم، ثم يتقافزون فوق ظهورهم، من أجل أن يهتفوا بحياة “الزعيم الواحد الأوحد” و” القائد الضرورة” الذي بعث لإنقاذ العرب، ومن تأخر في الهتاف تأتيه رصاصة من الخلف، كما فعلوا بجنود رفضوا إطلاق النار على مواطنيهم، فقيدوهم وعصبوا أعينهم ليتلقى كل واحد منهم رصاصة في الجبين، وترمى جثثهم بين الأحراش ليكتشفها التلفزيون الرسمي ويكيل التهم للإرهابيين و”الشبيحة” الذين يريدون تدمير “إنجازات قائد الصمود والتصدي”.
ومن يعرف مدينتي لندن وبرمنجهام، يدرك أن المناطق التي انطلقت منها شرارة الأحداث تعج بفئات من البريطانيين الذين ينحدرون من أصول مهاجرة، ارتضت غالبيتهم أن تكون عالة على المجتمع باعتمادها التام على المعونات الاجتماعية، وعندما بدأت الحكومة البريطانية في تقليص شرائح الفئات المستفيدة من تلك المعونات، هاجوا ليحرقوا ويسطو، وما قضية مقتل شخص أسود على يد الشرطة سوى شماعة لتبرير أفعالهم المشينة في مجتمع تنادى أفراده متطوعين لتنظيف شوارع لندن من مخلفات اللصوص.
موضوع: مطلوب «شبيحة» 
13/8/2011, 08:54
