سعود الأحمد - نقلا عن الشرق الأوسط
مع الانفتاح الاقتصادي والإعلامي، وما نتج عنه من سهولة تبادل السلع والخدمات والمعلومات بين مجتمعات دول العالم.. علينا أن نواجه مشكلة الجهل غير الملموس المتمثل في قلة الوعي العام من خلال نشر الثقافة الاقتصادية. ونعمل على تحصين ذهنية عامة الناس وتبصيرهم بماهية الحقيقة المتفق عليها، بأن الموارد الاقتصادية مهما توافرت فإنها تبقى محدودة، وأن من الجدارة ترشيد قرارات الصرف منها لخدمة ورفاه العنصر البشري.
وأنه وعلى مر الزمان، فإن من الطبيعي أن تتعرض المجتمعات إلى موجات من الدورات الاقتصادية كالركود والانتعاش والتضخم والكساد. وأن يصاحب ذلك تغيير في انماط الاستهلاك وتبادل في مستويات دخل الفرد بين مختلف شرائح المجتمع. مما يتسبب في تغيير الأقيام الفعلية للثروات، وكذلك أقيام السلع وإيرادات التجار ودخول الأفراد.. مما يؤدي إلى إعادة هيكلة شرائح المستوى المعيشي لأفراد المجتمع.
وعلى طريق رفع مستوى الوعي الاستهلاكي للمواطن الخليجي. علينا أن نغرس في أذهان مواطنينا أهمية وجدوى إعادة تقييم منافع السلع (من وقت لآخر)، وربط قيمة كل سلعة بمنفعتها، مع استمرار استعراض الخيارات البديلة لجميع السلع والخدمات وما نتج عنه من سهولة تبادل السلع والخدمات والمعلومات بين مجتمعات دول العالم. المنتجة محلياً وعالمياً. وأن نعمل على كل ما من شأنه توحيد قوى العرض والطلب لدول الخليج العربية للتأثير في الأسواق العالمية، ولمواجهة تحكمات المصدرين والمستوردين الأجانب. فالواقع يشهد أن المواطن السعودي (مثلا) وعلى الرغم من تراكم خسائره جراء سقوط سوق الأسهم منذ فبراير العام الماضي (2007)، وعلى الرغم من تحمل عدد كبير من محدودي الدخل فيه، أعباء قروض تحتاج إلى تضحيات سنين طويلة قادمة لسدادها، إلا أن الاحصائيات تشير إلى تزايد ملحوظ في نسب متوسط استهلاك الفرد السعودي من السلع والخدمات.. بما فيها السفر السياحي وأوجه الإنفاق الترفيهي الأخرى. فقد بلغ حجم إنفاق الأسر السعودية على السياحة في الخارج خلال فترة إجازة الصيف الماضي حوالي (ستة مليارات ريال) بزيادة تقدر بـ(25%) عن العام الماضي، وكل ذلك رغبة في مسايرة الأنماط الاستهلاكية الجديدة وسعياً وراء إشباع رغبات شخصية وضعف في مقاومة ضغوط أسرية. ناهيك من ارتفاع متوسط استهلاك الفرد للخدمات العامة.. من ماء وكهرباء وهاتف. وللأسف كل ذلك يحصل حتى يصطدم البعض بعجز ميزانياتهم الشخصية. إضافة إلى ما نلاحظه من هذا الهوس المتزايد في الشراء من محلات الجملة ومحلات التخفيض، بعضها لحاجة (جادة) للاقتناء وبعضها لغير حاجة. وهذا التناقص في أحجام الصناديق والعبوات والقصر في العمر الإنتاجي للمواد.. وكل ذلك ما هو إلا تحد للمستهلك وحافز له لمقاومة نزواته في زيادة معدلات الاستهلاك لمختلف السلع والخدمات.. كل ذلك يحصل والرواتب لا تكفي لتغطية الاحتياجات، التي تتزايد أسعارها يومياً.. مما لا يمكن تبريره إلا أنه نقص في مستوى الوعي الاستهلاكي. ختاماً.. لنا أن نتساءل: إلى متى ينتظر رب الأسرة ليضع ميزانية أسرة يحدد بها أوجه الصرف والبنود الضرورية والكمالية. وأهم البنود التي تستنفذ معظم دخله الشهري.. وما يمكن تحديده منها على أنه أساسي وما هو عرضي؟.. وكيف يمكن لرب الأسرة أن يضع لنفسه ميزانية صرف مرنة.. إذا زاد الدخل أو ارتفع. ويعيد النظر في معايير الرفاه، مقارنة بالوضع الماضي ووضع شعوب الدول المماثلة لنا. آخذين بالاعتبار، المتغيرات التي طالتنا في عصر العولمة