مجمل إنفاق المستهلك الصيني سيتعدى مثيله في أميركا بحلول عام 2018
بكين: ستيفن مافسون * جرّ تشين زيزهينغ عربة التسوق عبر أحد ممرات متجر «كارفور» الذي يقع على مقربة من منزله، وتوقف أمام بعض المنتجات التي تباع الواحدة منها بما يعادل الراتب السنوي الذي كان يتقاضاه عندما كان يعمل كموظف حكومي عندما كان شابا. ولكن تلك الأيام كانت قبل ثلاثين عاما مضت، في الوقت الذي وضع فيه دنغ شاوبينغ الصين على طريق الإصلاح الاقتصادي والانفتاح على العالم. ولكن اقتصاد الصين المزدهر جعل بإمكان أشخاص من أمثال تشين، الموظف بالصناعات الجوية، الذي يعمل بدوام جزئي، 67 عاما، أن يدفع 1168 يوانا أو ما يعادل 170 دولارا في مقابل أحد المنتجات من أحد أفرع سلسلة المحلات الفرنسية الشهيرة
يقول تشين: «إنها ليست باهظة الثمن بالنسبة للأشخاص العاديين في الصين حاليا». ويقول تشين الذي كان معتادا على شراء نوع المشروبات الصينية التقليدية يعرف باسم ماوتاي: «بعدما أصبح المجتمع الصيني أكثر تطورا وانفتاحا ازداد تقدير الناس للمشروبات المستوردة، فعندما تختار هدية لأحد الأشخاص فسوف ينظر إليها الأشخاص الآخرون، فإذا كانت من الماركات الشهيرة فسوف يشعر هؤلاء الأشخاص بالتقدير لأنك اخترتها لهم»
بعد عام واحد من انهيار الاقتصاد العالمي تساءل الكثير من رجال الاقتصاد ما إذا كان المستهلكون الصينيون الذين كانوا يتسمون بالحرص الاقتصادي سوف يقودون العالم للخروج من الأزمة الاقتصادية. وفي الأسبوع الماضي ذكر صندوق النقد الدولي أن الصين قد تفعل ذلك نظرا لخطة التحفيز الحكومية التي تقدر قيمتها بـ600 مليار دولار أميركي، ولتدفق الإقراض البنكي. وقد رفع صندوق النقد الدولي من توقعاته لمعدل النمو في الصين إلى 8.5 في المائة في عام 2009، بينما قلل من توقعاته لاقتصاد الولايات المتحدة الذي قال إنه سوف يتقلص بنسبة 2.7 في المائة. في الماضي كانت مهمة انتشال الاقتصاد العالمي من الركود تقع على عاتق المستهلك الأميركي الذي يمثل ثلثي إجمالي الناتج المحلي الأميركي، الذي كان يشتري لسنوات طويلة ما يكفي من البضائع المستوردة لإبقاء المصانع التي تعمل من جنوبي الصين إلى شمالي المكسيك ووسط أوروبا مفتوحة. ولكن بعد أن اضطر المستهلك الأميركي الذي أثقلته الديون إلى ربط الحزام، يتمنى بعض المسؤولين أن يرخي المستهلك الصيني حزامه
وكنتيجة للأزمة ارتفع معدل ادخار الأُسر الأميركية من نسبة 0 في المائة إلى 5 في المائة، وفقا لما قاله دومينيك ستراوس ـ كان مدير عام صندوق النقد الدولي في حوار أجري معه مؤخرا
وأضاف ستراوس أنه على الرغم من أن ذلك ستكون له مردودات إيجابية على التجارة الدولية والتوازن المالي، فإنه يثير أسئلة عن نوعية المستهلكين الذين سوف يسدون ذلك الفراغ ويمثلون القوى المحركة الجديدة لنمو الاقتصاد العالمي. فإذا كان المستهلكون الجدد سيكونون من الصين والهند والبرازيل فسوف تظهر تساؤلات لها علاقة بنوعية البضائع التي سوف يطلبها هؤلاء المستهلكون والجهات التي سوف يشترون منها
وسوف يتضح جزء من الإجابة على تلك التساؤلات خلال الأسبوع الجاري خلال ما يعرف باسم «الأسبوع الذهبي» لتجار التجزئة، حيث يخرج المستهلكون الصينيون سعداء بالعلاوات للتسوق بمناسبة الاحتفال بذكرى الثورة الشيوعية في 1949. وبعد يوم واحد من إخلاء الممثلين والأطفال والدبابات والجنود لميدان تيانانمين في أعقاب مهرجان الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، أغرق مواطنو بكين كافة متاجر المدينة. وعلى الرغم من ذلك فإن معدل إنفاق المستهلك الصيني يمثل نحو 36 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي، فعلى الرغم من أن الدولة لديها ثالث أكبر اقتصاد في العالم فإنها تقع في الترتيب الخامس بالنسبة للاستهلاك، وفقا لمقال لنشرة شركة «ماكينزي» الاقتصادية والتي وصفت الإنفاق بأنه «ضعيف وفقا لكل المعايير». بالإضافة إلى أن معدلات الاستثمار والادخار في الصين أعلى من معدلاتها في أي من بلدان النمور الآسيوية
وبالتالي فإن الحكومة كانت تشجع الاقتصاد، ليس فقط من خلال مشروعات البنية التحتية ولكن كذلك من خلال الحوافز التي تدفعها في مقابل أشياء مثل شراء تلفزيون جديد. ويقدر مورغان ستانلي ـ مستخدما التقديرات المتحفظة ـ أن يتجاوز مجمل إنفاق المستهلك الصيني مثيله في الولايات المتحدة بحلول عام 2018. وخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري وصل عدد السيارات التي تم بيعها في الصين إلى 12.3 مليون سيارة، متجاوزا معدل مبيعات الولايات المتحدة لأول مرة، وفقا لمورغان ستانلي
وفي مركز تسوق «العالم الجديد» مساء يوم الجمعة كان بعض المستهلكين يتزلجون في الدور الأرضي، بينما كان البعض الآخر يتفقد منتجات التجميل في الدور الذي يليه، ثم في الدور التالي وبالقرب من صورة تمتد من الأرض وحتى السقف لكوبيه برايانت وهو يرتدي قميصا قطنيا، كانت زيانغ ينغ تتفقد أحذية «نايكي» الرياضية
تقول زيانغ التي تعمل في شبكة مترو الأنفاق ببكين وتعيش مع والدتها: «أنا أبحث عن التخفيضات. أعطي نصف راتب لوالدتي. وأعتقد أن تلك هي خطتي للادخار»، مضيفة أن أكبر تكلفة تتحملها هي كلفة الغداء مع الأصدقاء بأحد المطاعم
بعد سنوات من الاحتفاظ بعائداتهم الهزيلة في المصارف شرع المستهلكون الصينيون أيضا في الإنفاق على الخدمات، وهو أمر عادة ما جاءوا في إطاره في مرتبة متأخرة عن نظرائهم في الولايات المتحدة. وطبقا لبحث تسويقي أجرته شركة «أوغيلفي آند مازر»، فإن 70 في المائة من الأطفال الصينيين يحضرون، على الأقل، برامج خارج نطاق المنهج الدراسي، معظمها دروس في اللغة الإنجليزية. ويتلقى 10 ملايين دروسا في تعلم عزف الكمان، ويجري مليون صيني سنويا جراحة تجميل. في إطار ما كان يطمح ذات يوم للتحول إلى مجتمع يخلو من التقسيم الطبقي، أصبحت المكانة الاجتماعية أمرا مهما. ورغم أن عشرات الملايين من الصينيين يكدحون في المصانع مقابل أجور زهيدة، يشتري الصينيون 12 في المائة من إجمالي سلع الرفاهية المبيعة على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الأفراد القادرين على شراء مثل هذه السلع بمقدار أربعة أضعاف في غضون عامين، ليصل إلى 160 مليون نسمة
ويقول 60 في المائة من الصينيين إن سلع الرفاهية تعد مؤشرا على النجاح والمكانة الاجتماعية، طبقا لدراسة «أوغيلفي آند مازر». الملاحظ أن الإنفاق لم يعد مقتصرا على المناطق الساحلية والمدن الكبيرة، حيث تشير الدراسة إلى أن ثلثي مبيعات التجزئة تجري في المدن الـ24 الكبرى بالبلاد. رغم عدم توافر مؤشر لتقدير ثقة المستهلك، يرى الكثير من المحللين أن الصينيين ما زالوا على ثقة من مستقبلهم. على سبيل المثال، قال مايكي تشاك، رئيس شؤون التخطيط بمكتب بكين التابع لـ«أوغيلفي آند مازر»: «إحدى الخصال المميزة للمستهلكين الصينيين شعورهم بقدر بالغ من التفاؤل مقارنة بنظرائهم في أوروبا والولايات المتحدة. إنهم يشعرون بأن قوتهم الإنفاقية ومستوى معيشتهم يتجهان نحو التحسن المستمر، وهذا التفاؤل يدفعهم للإنفاق حتى في الفترات العصيبة اقتصاديا». داخل كارفور، قال تشين إنه أصبح أقل اقتصادا في نفقاته منذ قرابة عام 1998، نحو 20 عاما بعد إقرار دينغ انفتاح الاقتصاد الصيني. ومع أن تشين لم يذكر مزيدا من التفاصيل حول الأمر، يعتقد المحللون أن هذه الفترة كانت طويلة بما يكفي أمام معظم الصينيين للتوصل إلى نتيجة مفادها أن النوبات الدورية لحملات سياسية يسارية، التي ميزت تاريخ الصين خلال حقبة ما بعد الثورة، قد ولت من دون رجعة
من ناحيته قال تشين: «عند هذه النقطة راودني الشعور بأن بمقدوري استغلال المال كما يحلو لي». وقال تشين إن جيله أبدى حرصا نسبيا حيال الإنفاق وتجنب عادة الاقتراض. عام 2000، عندما اشترى تشين منزلا ثانيا، اضطر إلى تقليص مدخراته. في المقابل نجد أن ابنته البالغة 30 عاما لجأت إلى المصرف لاقتراض أموال لشراء سيارة ومنزل
ولم يتضح بعدُ ما إذا كان الصينيون تخلوا عن حذرهم التقليدي. ومن جهتهما أوضح كل من كنغ وانغ وستيفين زهانغ، وهما المحللان الاقتصاديان التابعان لـ«مورغان ستانلي»، في تقرير لهما أنه «على امتداد العقد الماضي تقريبا فاق نمو الاستثمارات والصادرات تنامي استهلاك الأسرة الصينية، ويعد الاستهلاك كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي منخفضا وشهد انحسارا مستمرا»
من ناحيته قال محمد العريان، الرئيس التنفيذي لصندوق «بيمكو» الضخم للسندات: «يملك الصينيون الآن القدرة على زيادة النفقات الاستهلاكية على نحو مستمر. تكمن القضية في الإرادة، ولا تزال الإرادة تتعرض لإعاقة من قبل مجموعة من العوامل المؤسساتية والثقافية». تتضمن هذه العوامل غياب نظام آمن للرعاية الصحية والمعاش، ما يزيد من احتمالات إقدام الكثير من العمال الصينيين على ادخار المال لسنوات عمرهم المتقدمة
وعلاوة على ذلك فإن القليلين يملكون بطاقات ائتمانية. يذكر أن أعداد البطاقات الائتمانية بالصين ارتفعت بصورة بالغة من 3 ملايين بطاقة عام 2003 إلى 128 مليون بطاقة بحلول نهاية عام 2008. إلا أن تشاك أوضح أن هذا العدد يمثل أقل من 40 في المائة من سكان الحضر و10 في المائة فقط من سكان الريف، كما أن الكثير من حاملي البطاقات الائتمانية نادرا ما يستخدمونها
من جهته قال العريان: «موجز القول هو أن الاستهلاك الصيني سيزيد، لكنه من منظور عالمي لم يصل بعد إلى وضع يمكنه من معادلة على الفور وبصورة كاملة التراجع في الاستهلاك الأميركي»
داخل متجر «إيكيا» في شمال غربي بكين، وقف زهانغ يانغ، 27 عاما، مسؤول بشركة لخطوط السكك الحديدية يتفحص بعض أدوات المطبخ، بينما قارنت زوجته بينها وبين قائمة تحملها. وقد اشترى الزوجان لتوهما شقة مقابل 213 ألف دولار، واضطرا إلى الاقتراض لتغطية 30 في المائة من التكاليف، وعمدا إلى اللجوء إلى مدخراتهما لتغطية الجزء المتبقي. ونظرا لأنه يروق لهما أسلوب تصميم الشقة الداخلي، كانا يتطلعان إلى مواد صغيرة نسبيا. كانت أغلى مشترياتهما خزانة للتلفزيون من خشب الساج بقيمة 219 دولارا. وقال زهانغ: «إنها بسيطة، لكن عملية». بالقرب منه وقفت زهاو منزياو، ممرضة، 26 عاما، تتمعن مجموعة من المطابخ لاختيار واحد لشقتها الجديدة البالغ ثمنها 165 ألف دولار اشترتها وزوجها، 28 عاما، في ضاحية هايديان في بكين، وهي منطقة ينتمي غالبية سكانها إلى رجال الأعمال والأفراد المرتبطين بالجامعات الكبرى في الجوار
KLIM
موضوع: رد: هل يقود المستهلك الصيني العالم للخروج من الأزمة الاقتصادية؟ 7/8/2011, 23:05
انا بتوقع في نهضة قوية من الصين
theredrose
موضوع: رد: هل يقود المستهلك الصيني العالم للخروج من الأزمة الاقتصادية؟ 8/8/2011, 03:01
نهضة فوق التصور ورح تجاري امريكا
هل يقود المستهلك الصيني العالم للخروج من الأزمة الاقتصادية؟