[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


بدأ العلماء بدراسة السماء وما فيها منذ آلاف السنين ، وكانت المشاهدات
الفلكية للظواهر الواضحة أثر كبير في تقدم العلوم، فبدأ الأقدمون يدونون
ملاحظاتهم التي لا تحتاج إلى أجهزة رصد من شروق الشمس وغروبها وكسوفها
وخسوفها،وقد عُرّف الكسوف بأن يلقي جرم سماوي بظلاله على جرم سماوي آخر،
وما نلاحظه نحن البشر على سطح الأرض حالتين هما الخسوف القمري والكسوف
الشمسي، فهل هناك كسوف لكوكب في المجموعة الشمسية على كوكب آخر؟

يتعلق الكسوف ببعد الكوكب عن الشمس وبحجم الكوكب، فإذا بدأنا بدراسة بعد
الكواكب عن الشمس وعن الكواكب التي تليها ، نرى أن عطارد أقرب الكواكب
للشمس بعده حوالي 47 مليون كيلومتر والكوكب الذي يليه الزهرة بعده حوالي
108 مليون كيلو متر، فالبعد بين عطارد والزهرة حوالي60 مليون كيلو متر لذلك
لا يمكن لعطارد أن يلقي بظله على كوكب الزهرة إلا إذا كان قطره أكبر من
القطر الحالي بحوالي 100 مرة.

أما من ناحية حجم الكوكب فالمشتري عملاق المجموعة الشمسية بعده عن الشمس
حوالي 825 مليون كيلو متر وبينه وبين الكوكب الذي يليه زحل حوالي 475
مليون كيلو متر، فبالرغم من كبر حجمه إلا أن بعده عن الشمس لا يسمح لظله
بالوصول إلى زحل.

ومن هنا نرى أن حادثتي الكسوف والخسوف لا تتم إلا بين الكوكب والأقمار
التابعة له، فنحن سكان الأرض نرى الحادثين بسبب القمر التابع لكوكبنا، كما
ترى بقية الكواكب التي لها أقمار الحوادث نفسها، لقد استطاع العلماء بفضل
التقنيات الحديثة تحديد أوقات الكسوف والخسوف على كواكب المجموعة
الشمسية،حيث أطلقت وكالة الفضاء ناسا صوراً لكسوف ثلاثي ونادر على كوكب
المشتري في آذار 2004 عن طريق ثلاثة أقمار تابعة له من أقمار غاليلوا ،
ومن المعروف أن هذا الكسوف يحدث مرة كل عقدين من الزمن وقد حدث عام 1996 ثم
عام 2004.

هذا بالنسبة للكواكب مع أقمارها أما بدراسة الكواكب مع بعضها فقد حددت
الحوادث التي تشبه الكسوف والخسوف وذلك بالنسبة للكوكب الراصد وللشمس، بما
أن الكواكب تدور حول النجم الأم في مسافات مختلفة فقد سمي الكوكب داخلي
بالنسبة لكوكب آخر إذا كان أقرب منه للشمس وخارجي إذا كان أبعد منه،
فالكواكب الداخلية للأرض هما عطارد والزهرة أما بقية الكواكب فهي خارجية،
وسندرس الحالات بالنسبة لراصد من الأرض.

إذا وقع أحد الكواكب الداخلية على المستقيم نفسه الذي يصل الأرض بالشمس
وكان أقرب ما يمكن إلى الأرض دعيت الحالة بالاقتران الأدنى، أما إذا كان
أبعد مسافة له عن الأرض دعيت بالاقتران الأعلى، يحدث في بعض حالات الاقتران
الأدنى أن يقترب الكوكب إلى مسافة أصغرية من الأرض فيرى وكأنه يعبر قرص
الشمس ولذلك سميت هذه الظاهرة بالعبور ، وقد تم تحديد عبور عطارد والزهرة
بدقة تامة وسأسرد لاحقاً العبورات.

أما إذا كان الكوكب الخارجي على المستقيم نفسه الذي يصل الأرض بالشمس وكان
الكوكب أقرب ما يمكن للأرض دعيت الحالة بالتقابل، أما إذا كانت المسافة
أعظمية فيكون الكوكب خلف الشمس وتدعى هذه الحالة بالاقتران.

عبور عطارد والزهرة

يحتل قرص الشمس الظاهري من سماء الأرض ما قطره حوالي نصف درجة من أصل 360
درجة لدائرة القبة السماوية، وبما أن كوكب الزهرة هو الكوكب الأقرب للأرض
وحجمه يقارب حجمها لذلك عندما يمر أمام قرص الشمس فإن قطره يبلغ 1\32 من
قطر الشمس الظاهري وبذلك نتمكن من رصد عبوره بالعين المجردة, وتم حساب عبور
الزهرة بالتناوب كالتالي 8 سنوات ثم 121.5 سنة ثم 8 سنوات ثم 10505 سنة
على التوالي ، وقد كان آخر عبور للزهرة في 8\6\2004 يتبعه العبور التالي في
6\6\2012 وهو ثاني وآخر عبور في هذا القرن إذ لن يحدث ذلك حتى عام 2117 .

أما كوكب عطارد فبسبب حجمه الصغير وبعده عن الأرض لا يرى عبوره إلا‍ بواسطة
المناظير والتليسكوبات، وقد كان آخر عبور له في 7\5\2003، تحدث عبورات
عطارد في شهري أيار وتشرين الثاني، عبورات أيار يفصلها عادة 7-13-33 سنة
على التوالي أما عبورات تشرين الثاني فيفصلها 13-33 سنة بالتناوب ، سيكون
العبور القادم لعطارد في تشرين الثاني 2006 ولا يتجاوز عبورات عطارد 13 مرة
في كل قرن.

وهكذا نرى مع تقدم العلوم والبحث العلمي تم الانتقال من ملاحظة الكسوف إلى
دراسة الظواهر بين الكواكب جميعها وسيستمر التقدم لانتقالنا إلى المجرة
فالكون الرحب.

مي سلامة