تمويل مشاريع التحفيز

مواجهة احتمالات الركود الاقتصادي بزيادة الإنفاق على مشاريع إنمائية ذات عمالة كثيفة وقليلة الاعتماد على المستوردات، فكرة جيدة جاء وقتها، ولكن المشكلة أن الحكومة وضعت العربة أمام الحصان فاستحال التقدم في مجال التنفيذ.

وزارة المالية وجدت أنها تستطيع توفير 183 مليون دينار من النفقات الجارية لهذا الغرض، عن طريق إلغاء بعض الإعفاءات والتخفيضات الضريبية والدعم المباشر وغير المباشر لعدد من السلع بعد أن زالت الحاجة إليها، نظـراً لانخفاض أسعارها تلقائياً، وضربت مثلاً بالغاز والكاز والأعلاف وبعض المواد التمويلية.

وزارة التخطيط بدورها تطوعت بالعمل على إعداد قائمة بالمشاريع المقترحة التي تفي بالشروط المشـار إليها أعلاه، وتسهم في التنمية وتحريك الاقتصاد، وشكلت لهذا الغرض لجنة مختلطة من مندوبين عن جهات رسمية اقتصادية ونقدية متعـددة، وخرجت بقائمة مشاريع تركز على الأشغال العامة والمياه، وربما السياحة.

هذه المشاريع أصبحت جاهزة بانتظار التمويل، فالحكومة لا تقصر في وسائل استنباط طرق جديدة لإنفاق المال، فهذه عملية سهلة ومرغوب فيها. المشكلة أنها حتى الآن لم تحرك ساكناً لتدبير التمويل بالطريقة التي اقترحها وزير المالية، أي إلغاء عدد من الإعفاءات والتخفيضات والدعم بموجب جدول محدد قدمه الوزير إلى مجلس الوزراء ولم يتخذ قراراً بشأنه بعد.

القرار السهل وهو إعداد وسائل إنفاق 183 مليون دينار تم اتخاذه بسرعة، والقرار الصعب وهو إلغاء التخفيضات والدعـم الاستهلاكي الذي لم يعد لازماً، لم يتخذ، ومن يدري فقد يقترح بعضهم البدء بالتنفيـذ عن طريق زيادة العجز والاقتراض.

طالما أن مجلس الوزراء لم يتخذ حتى الآن قراراً فيما يتعلق بإعفاءات الغاز والكاز والأعلاف وبعض المواد التموينية فإن مبلغ 183 مليون دينار يذوب بمعدل نصف مليون دينار يومياً، أي أنه أصبح بتاريخ اليوم 163 مليون دينار فقط، وإذا استمر التباطؤ في اتخاذ القرار ووضعه موضع التطبيق فلن يبقى ما يكفي لتنفيذ المشاريع المقترحة.

إذا لم تكن الحكومة راغبة في، أو قادرة على، اتخاذ القرار في الجانب الصعب من العملية وهو التمويل، فلا داعي للحديث عن الجانب السـهل منها وهو التنفيذ، ويمكن طي الموضوع برمته. وإذا كانت راغبة وقادرة على اتخاذ القرار فمن المفيد التحرك الآن قبل وصول وفد صندوق النقد الدولي حتى لا يقال أنه من املاءات الصندوق