من أحب الحياة بالعمل النافع ، تفتح له الحياة أعماقها وتدنيه من أبعد أسرارها ،
الحياة ظلمة حالكة إذا لم ترافقها الحركة ، والحركة بلا معرفة عمياء تكون بلا بركه ، والمعرفة عقيمة حين تكون بلا عمل ، والعمل باطل وبلا ثمر إن لم يقترن بالمحبة ، لأنه مع المحبة يرتبط كل واحد بربه وبكونه.
العمل بمحبه هو أن تضع في كل عمل من أعمالك ، نسمةً من روحك ، وتثق بأن جميع الأموات والأطهار يحيطون بك ويراقبون ويتأملون
العظيم العظيم هو الذي يحول هيمنة الريح إلى أنشودة تزيدها محبته حلاوة وعذوبة ، العمل هو الصورة الطاهرة للمحبة الكاملة .
========
•القتيل ليس بريئاً من جريمة القتل ، وليس المسروق بلا لوم في سرقته ، ولا يستطيع البار أن يتبرأ من أعمال الشرير ولا الطاهر النقي اليدين بريء الذمة من قذارة المدنسين ، كثيراً ما يذهب المجرم ضحيةً لمن وقع عليه جرمه ، كما يغلب أن يحمل المحكوم عليه الأثقال التي كان يجب أن يحملها المبررون وغير المحاكمين ، لذلك لا تستطيعون أن تضعوا حداً يفصل بين الأشرار والصالحين ، لأنهم يقفون معاً أمام وجه الشمس ، كما أن الخيط الأبيض والخيط الأسود ينسجان معاً في نول واحد .
•اجعل نفسك تسمو بعقلك إلى مستوى عواطفك ، وحينئذ ترى منها ما يطربك ويشرح لك صدرك .
•ما من أحد يستطيع أن يعلن لكم شيئاً غير ما هو مستقر في فجر معرفتكم وأنتم غافلون عنه
•صديقك هو كفاية حاجتك ، هو حقك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر ، هو مائدتك وموقدك ، لأنك تأتي إليه جائعاً ، وتسعى وراءه مستدفئأ
وإن فارقت صديقك لا تحزن على فراقه ، فقد يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره ، لأن الجبل يبدو لمن ينظر من السهل أكثر وضوحاً مما يظهر لمن يتسلقه .
•إنك تصلي في ضيقتك وعند حاجتك ، ولكن حبذا لو أنك تصلي وأنت في كمال فرحك ووفرة خيراتك .
فإذا صليت فأنت ترتفع بروحك لكي تجتمع في تلك الساعة بأرواح المصلين ، الذين لا يستطيعون أن تجتمع بهم بغير الصلاة .
وإذا دخلت الهيكل ولا غاية لك سوى السؤال ، فإنك لن تنال شيئاً ، وإن دخلت الهيكل لكي تظهر وفرة اتضاعك وخشوعك ،فأنت لن تجدي رفعة بل لو جئت الهيكل وأنت ترجو أو تتلمس خيراً لغيرك من الناس فإنك لن تجاب على السؤال ، لأنه يكفيك أن تدخل الهيكل من غير أن يراك أحد .
•جسدك هو قيثارة نفسك ، وأنت وحدك تستطيع أن تخرج منها أنغاماً فتانةً أو أصواتاً مضطربة .
فالنحلة والزهرة كلتاهما تعتقدان أن اقتبال اللذة وتقديمها ، حاجتان لا بد منهما ، واقتتان لا غنى للحياة عنه ، كونوا في لذاتكم كالنحل والأزهار .
•كل من يقيد سلوكه وتصرفه بقيود الفلسفة والتقليد ، إنما يحبس طائر نفسه الغريد في قفص من حديد ، لأن أنشودة الحرية لا يمكن أن تخرج من بين العوارض والقضبان ، وكل من يعتقد أن العبادة نافذة يفتحها ثم يغلقها ، فهو لم يبلغ بعد إلى الهيكل نفسه الذي نوافذه مفتوحة من الفجر إلى الفجر .
•إن شئتم أن تعرفوا ربكم ، فلا تعتنوا بحل الأحاجي والألغاز ، بل تأملوا فيما حولكم تجدوه لاعباً مع أولادكم ، وارفعوا أنظاركم إلى الفضاء الوسيع ، تبصروه يمشي في السحاب ، ويبسط ذراعيه في البرق ، وينزل إلى الأرض مع الأمطار ، تأملوا جيداً ، تروا ربكم يبتسم بثغور الأزهار ، ثم ينهض ويحرك يديه بالأشجار .
إذا رغبتم حقيقةً أن تنظروا لروح الموت ، افتحوا أبواب قلوبكم على مصراعيها لجسد الحياة . لأن الحياة والموت واحد ، كما أن النهر والبحر واحد أيضاً ففي أعماق آمالكم ورغباتكم تتكىء معرفتكم الصامتة لما وراء الحياة . لذلك فالتكن ثقتكم عظيمة بالأحلام ، لأن بوابة الأبدية مختفية فيها .
•الضباب الذي يفارق الأرض عند بزوغ الفجر ، من غير أن يترك سوى قطرات صغيرة من الندى في الحقول ، إنما هو يرتفع في الجو لكي يتجمع هناك فيؤلف السحاب الذي لا يلبث أن يعود إلى الأرض مطراً غزيراً .
ما من عطية في هذا العالم أجزل فائدة للإنسان من العطية التي تحول كل ما في كيانه من الأميال والرغبات إلى شفتين محترقتين عطشاً ، وتجعل حياته جميعها ينبوعاً حياً باقياً .
وفي أية ساعة جئت الينبوع متعطشاً ، أجد الماء الحي المتدفق من فم الينبوع عطشاناً أيضاً …فيشربني هذا الماء وأشربه ... كيف يستطيع أحد أن يكون قريباً ما لم يكن بعيد ؟