البحر الميت من أغرب بحار العالم، تمتزج فيه الحقيقة بالأسطورة ويلتصق التاريخ بالجغرافيا في تزاوج فريد قل نظيره في أي بقعة من بقاع العالم ورغم صغر هذا البحر إلا أنه يكاد يكون من عجائب الجغرافيا .. حيث ينخفض بمقدار 412 متراً عن مستوى سطح البحر.. ويمتاز بكثرة أملاحه وارتفاع حرارة مياهه حيث تسقط أشعة الشمس عمودية عليه.
وقد حير البحر الميت الأمم والشعوب التي تعاقبت على هذه البقعة من العالم وأطلقت عليه أسماء متعددة.. فقد سماه الإغريق «البحر الميت» وسماه الرومان «بحر الإسفلت» وأطلق عليه اليهود «بحر الملح» أما العرب فأسموه «بحيرة لوط». وملوحة مياه البحر الميت عالية إذا ما قيست بنسبة الملوحة في البحار الأخرى وتحول دون وجود أية حياة فيه، مما حدا بمؤرخي الإغريق وعلمائهم إلى تسميته بالبحر الميت، وللدلالة على ملوحته فإن الاسماك التي تعيش في نهر الأردن ويسوقها حظها العاثر إلى هذا البحر سرعان ما تموت وتطفو على سطح مياهه وتصبح طعاماً سائغاً للطيور الحائمة.
* بحر بلا أمواج
* كثافة مياه البحر الميت وشدة ملوحتها حولته إلى بحر بلا أمواج يستطيع أي إنسان أن يسبح فيه من دون أن يخشى الغرق لأن مياهه الثقيلة تجعل أي جسم يطفو فوقها ولا يغرق.. وهذا ما يفسر الرحلات المدرسية التي يقوم بها طلبة المدارس إلى البحر الميت للسباحة في مياهه من دون خوف أو وجل خشية الغرق.. وكثيراً ما ذهبنا في رحلاتنا المدرسية إلى هذا البحر العجيب عندما كنا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية لمشاهدته والسباحة في مياهه.
الا أن السباحة في البحر الميت تتطلب الاغتسال بالمياه العذبة فوراً لإزالة الأملاح التي تترسب على جسم الإنسان من مياهه والتي لا يستطيع الإنسان تحملها أكثر من دقائق معدودة.
وللبحر الميت أهمية تاريخية وسياحية واقتصادية سياحية .. فعلى شواطئه نشأت الممالك.. وعلى شاطئه الشمالي وجدت أقدم مدينة في التاريخ وهي مدينة أريحا التي يعود تاريخها إلى ثمانية آلاف سنة. وعلى شاطئه الشرقي «كهف لوط» وهو الكهف الذي عاش فيه سيدنا لوط وبناته بعد خروجه من «سادوم»، ولا تزال المنطقة التي كانت تقوم عليها «سادوم» قائمة على الشاطئ الغربي من البحر الميت في منطقة تسمى «عين جدي» على بعد نصف ساعة بالسيارة من الخليل، وتعتبر من أهم المناطق السياحية في العالم. وعلى الشاطئ الشرقي للبحر الميت توجد تماثيل لطيور وحيوانات بالإضافة إلى تمثال لزوجة لوط «وآلهته» التي لم تؤمن برسالته وكانت تحرّض الكفار عليه.
* واحة الأزرق.. وسط الصحراء
* تعتبر واحة الأزرق اكثر مناطق الأردن تناقضا وغرابة، فهي ارض الملح والماء، الحجارة السوداء والينابيع والبحيرات، وارض الرمال والأشجار الباسقة الخضراء وواحة الأزرق تقع إلى الشرق من الأردن على بعد 50 كيلو مترا من الحدود السعودية وعرفت منذ القدم بأنها محطة للقوافل التجارية بين شمال الجزيرة العربية والعراق من جهة وبلاد الشام من جهة أخرى.
وكانت القوافل التجارية بين الغساسنة والمناذرة تمر بهذه الواحة للراحة وللتزود بالمياه. ولم يقتصر الدور التاريخي لهذه الواحة على كونها محطة للقوافل التجارية عبر التاريخ، بل أضحت «قاعدة عسكرية» للجيوش المحاربة. وفيها قلعة رومانية تعرف باسم «قصر الأزرق» استخدمها الرومان كحامية عسكرية وقاعدة متقدمة في مواجهة الفرس، وبقيت هذه القلعة تقوم بهذا الدور على مر التاريخ. فيما استخدمها خلفاء وامراء بني أمية في صدر الإسلام كغيرها من القصور الصحراوية في البادية الأردنية كمحطات على طريق الحج، ومراكز للراحة والاستجمام لامراء بني أمية واثريائهم الذين كانوا يقومون برحلات لصيد الظباء والغزلان والطيور.
* بحيرات وسط الصحراء
* علاوة على وفرة المياه الجوفية في واحة الأزرق فهي تشكل تجمعا للمياه السطحية التي تجري من هضبة الجولان ومنطقة المفرق، لأن الواحة تعتبر اكثر بقاع بادية الشام انخفاضا، مما جعل منها ملتقى مياه الأمطار والسيول الجارية..
حيث تتكون البحيرات الجميلة على مدار العام، التي تؤمها الطيور المهاجرة من روسيا وشمال أوروبا إلى جنوب أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي.. فاضحت كذلك محطة للطيور المهاجرة من الشمال إلى الجنوب شتاءً والعائدة إلى أوطانها صيفا.
ونظرا لوفرة مياهها استحالت الصحراء إلى مزارع وبساتين، حيث ترتفع أشجار الزيتون والرمان والنخيل الى عنان السماء.
وتعتبر واحة الأزرق أحد مراكز السياحة الصحراوية المهمة في الأردن حيث يرتادها السياح في فصل الشتاء نظرا لاعتدال مناخها وتوفر المرافق السياحية فيها. كما يرتادها السياح القادمون من الجزيرة العربية في بداية الصيف في طريقهم إلى الأردن وسورية ولبنان.
وساعد على ازدهار الحركة السياحية في الأزرق توفر المرافق السياحية كالاستراحات والفنادق والمطاعم والمعالم الاثرية وخاصة قلعة الأزرق التي تروي تاريخا طويلا من الحروب والنشاط العسكري والتجاري على مر العصور.
موضوع: اهمية البحر الميت الاقتصادية 
23/6/2011, 02:36
