الثقب الأسود نهايته وزواله

الثقب الأسود عبارة عن كتلة من الغبار الكوني والحجارة والغازات التي تنتج عن التوسع الكوني بعد الانفجار الكبير، قبل خمسة عشر مليار عام، وأخذ حجم كتلتين متباعدتين بسرعة هائلة بفعل التنافر المغناطيسي السلبي الإيجابي. ومع استمرار هذا التوسع الذي لم يتوقف حتى الآن فإن مليارات من الثقوب السوداء تشكلت ــ ولا تزال ــ بكثافة هائلة، بحيث لايمكن لأي بصيص نور أن يتسرب من خلالها أو يخترقها، إلا أن دورها كان رائعاً في حفظ الكون مع اجتذابها لكل الحجارة والغبار الناتجين عن التوسع الكوني، فحافظت على نظافة الكون بقيامها بعمل كناس الفضاء، ولكن دورها الأعظم هو أنها أضحت مصنعاً ورحماً دائماً لولادة النجوم. وما النظام الشمسي الذي نتمتع به وبأرضه وكواكبه إلا نتيجة مخاض ثقب أسود استمر لأربعة مليارات ونصف المليار من السنين، حتى خرج إلى ما هو عليه الآن من البهاء والجمال والدفء والنور. والثقوب السوداء في ولادتها للنجوم تستهلك طاقتها وحجمها وإمكانياتها واستمرارها إلى أن تزول نهائياً من الكون.
والثقب الأسود عند تشكله لابد أن يغلب على مكوناته غاز الهيدروجين بما يزيد على الثلثين كحد أدنى، وإلا أضحى مجرد مادة سوداء هائمة في الكون لا دور لها سوى التقاط الغبار في الفضاء وكنسها، لأن توافر الهيدروجين في الثقب الأسود بنسبة كبيرة ضروري لتشكل النجوم، حيث إنه لايمكن لنجم أن يولد إلا من خلال نواة من الهيليوم تتشكل عند بدئه من تفاعلات نووية لذرات الهيدروجين تكسبه قوته المغناطيسية ليستطيع جذب مختلف عناصر الغبار الغازية والحجارة حوله. ومع كثرة توالد النجوم أو الكواكب من داخل الثقب الأسود فإن حجمه يتناقص إلى حد التلاشي مع آخر نجم يولد عنه، كما حدث للثقب الأسود الذي تولد عنه نظامنا الشمسي، حيث إن كتلة الغبار الأخيرة المتبقية منه تولد عنها كوكب زحل الرائع، الذي كانت جاذبيته ضعيفة فلم يتمكن من جذب بقايا الثقب الأسود فالتفت حوله، مشَكِّلة حزاماً مغناطيسياً سلبياً قوياً على شكل حلقات متعددة تحمي الأرض من أي نيزك طائش وتصطاده كما تفعل شباك العنكبوت الأرضي
.