بالتعريف: اشعاع هوكنج هو اشعاع حراري يعتقد ان الثقوب السوداء تشعه كنتيجة للتأثيرات الكمومية. سمي باسم الفيزيائي النظري البريطاني ستيفن هوكنج، الذي اثبت وجوده نظريا عام 1974..
اكتشاف هوكنج هذا يعد أول اثبات قاطع على الفهم العميق لنظرية الجاذبية الكمومية التي يعتقد انها ستحل محل نظرية المجال الموحد او الاوتار الفائقة...وعلى كل، لا زال اشعاع هوكنج يثير الجدل الى يومنا هذا..

نظرة مبسطة:
الثقوب السوداء كما نعلم جميعا هي المناظق المحيطة بالمادة و التي تظهر فيها آلآثار الهائلة لقوى الجاذبية.
كلاسيكيا، تم اعتبار ان الثقوب السوداء تملك من الجاذبية الفائقة ما يمنع أي شيء، وليس فقط الاشعاع ،من الافلات من مجالها الجذبوي.على كل، قام ستيفن هوكنج بحسابات في اطر اسناد المجال الكمي المنحني في الزمكان(شوف الاسم الشنيع!!!) ،ومن خلالها اثبت ان الثقب الاسود يسمح ببث طيف اشعاع حراري..


الشروح التفصيلية لكيفية اشعاع الثقب الاسود مروعة وصعبة للغاية، ولكن تكفينا نظرة مبسطة عن الفكرة ونتائجها..
حسنا،كلنا نعرف ما هو افق حدث الثقب الاسود، ولمن لا يعلم فأفق الحدث هو حد!!، يعني افق حدث الثقب الاسود هو حدوده التي يمنع أي شيء ان يخرج منها..الآن، نعرف ان لكل جسيم جسيم مضاد، نظرية هوكنج في الاشعاع تنص على ان ازواجا افتراضية من الجسيمات ومضاداتها (جسيم- جسيم مضاد) تتكون احيانا خارج افق حدث الثقب الاسود، الآن،هناك ثلاثة احتمالات لما يحدث لهذه الازواج القريبة من خارج حدود الثقب الاسود:
1. كلا الجسيمين يسحب الى داخل الثقب الاسود،
2. كلا الجسيمين يتمكن من الهرب من الجاذبية الساحقة للثقب،أو
3. احد الجسيمين يهرب من الجاذبية والآخر ينسحق داخلها..

في الاحتمال الثالث، الجسيم الذي هرب هو جسيم حقيقي يمكن ملاحظته ورصده من الارض، بينما مضاد الجسيم هذا والذي تم جذبه الى داخل الثقب الاسود هو جسيم افتراضي لأننا لا نستطيع رصده..
وكما قلنا من قبل في مكان ما من هذا المنتدى العزيز، ان قانون الربط بين المادة والطاقة الخاص بآينشتاين غير دقيق(وهذا لا يعني ان آينشتاين لم يكن يعرف التالي، ولكن اهتمامه كان منصبا على العالم الحقيقي الذي نعيشه) الا بما شرحه ديراك من قبل: الطاقة = (- ،+ ) الكتلة ×مربع سرعة الضوء..
نلاحظ هنا ان هناك طاقة موجبة واخرى سالبة، طاقة الجسيمات التي نتعامل معها على كوكبنا هي جسيمات حقيقية تحمل طاقة موجبة، فيما يفترض العلماء ان جسيمات الطاقة السالبة تمثل طاقة جسيمات مضادة..
اذن، الجسيم المضاد الذي انسحق داخل الثقب الاسود يحمل طاقة سالبة، بينما الثقب الاسود نفسه يحمل طاقة موجبة،، وكلنا يعلم ان التقاء جسيم بمضاده،، يعني فناؤهما واطلاق كمية محددة من الطاقة..
وهذا ما يحصل هنا: عندما يمتص الثقب الاسود موجب الطاقة الجسيم المضاد ذو الطاقة السالبة ، فإن النقص في كتلة الثقب الاسود(الناتجة عن اطلاق الطاقة السابقة كما هو مفهوم) يظهر على شكل ومضات حرارية..
معدل اشعاع الثقب الاسود يتناسب عكسيا مع مربع كتلة الثقب الاسود،واستنادا لهذا يبدو مفهوما قولنا ان اشعاع هوكنج ليس مضيئا بصورة كبيرة ،وعلى العكس من هذا يبدو مشوشا ...

ما نتيجة اشعاع هوكنج؟؟
كتسلسل منطقي يظهر سؤال بسيط: ما هي النتيجة النهائية لهذه المعلومة الغريبة؟ وما الذي يترتب عليها؟
من المفهوم والملاحظ، ان كل شيء يشع يفقد كتلته ببطء، والثقب الاسود ليس شاذا عن القاعدة بحال!!، لذا، يترتب على اشعاع الثقب الاسود هو تناقص كتلته بشكل مستمر الى ان يصل لمرحلة تكون فيها الكتلة صفر، بمعنى آخر (سيتبخر) الثقب الاسود تاركا مكانه شيئا لا يعلمه الا الله تعالى!!، وبالمناسبة هذا هو حلم ستيفن هوكنج: ان يعرف ما الذي يحصل عندما يختفي الثقب الاسود..هناك حلول تقول ان الثقب الاسود عندما يتبخر فإنه ينفصل عن كوننا الحالي مكونا كونا طفلا، يعني أنا!!،كما تنفصل فقاعة عن الماء عند غليانه..
لكن، ما هذا؟؟ فلنعد لموضوعنا!!!

كما قلنا من قبل، في حالة الاشعاع المستمر للثقب الاسود فإن الكتلة ستتناقص بتسارع ما دام لا يوجد تعويض لهذا النقص من خارج الثقب الاسود، يعني سيصل لمرحلة الكتلة الصفرية والتي تعني التبخر..
في عالمنا هذا، فإن الثقوب السوداء التي يتم رصدها حولنا، وبعد حسابات مطولة، ستحتاج ما يقارب من 10^61 ×عمر الكون حتى تتبخر!!!، وعلى اية حال، فإن زمن التبخر للثقوب السوداء ذات الكلتة الصغيرة اقل منه لذوات الكتل الكبيرة(حيث ان زمن التبخر يتناسب مع مكعب الكتلة) ..وبهذا، يمكن الاستنتاج ان الثقوب السوداء ذات الكتل القريبة من 10^11 كغم( أي كتلة جبل صغير) ستتبخر في زمن يعادل عمر الكون الحالي..

ولمن يعرف قليلا عن الثقوب السوداء، فإن الثقوب الصغيرة هذه والموجودة بندرة كبيرة في الكون، قد تكونت مع بدء الكون، يعني لحظة الانفجار الكبير، ويعتقد بعض العلماء ان عند تبخر احدها فإن الكتلة النهائية ستخرج على هيئة اشعاع جاما، وبصورة قوية للغاية، لدرحة ان احدهم يشبهه بكرة نار يمكن رؤيتها بالعين..

وعلى كل ايضا، لم يتم رصد ثقب اسود صغير وقد تبخر كليا لغاية الآن، ولو تم رصده لنال ستيفن هوكنج جائزة نوبل..