لن تصبح انسانا ذو قيمة ايها الفاشل !!
بقلم محسن العبيدي الصفار
في القرية التي كان سعيد يعمل مديرا لمدرستها الصغيرة كان كل شيئ هادئا ومسالما ويمضي بوتيرة هي اقرب للملل وكان الكل يعرفون بعضهم وكان اهالي التلاميذ يعرفون سعيد ويعرفهم واحدا واحدا كعائلة كبيرة , واستمرت هذه الوتيرة حتى جاء يوم وكبر احد تلاميذ الابتدائية ودخل المرحلة الاعدادية وفي كل سنة كان هذا الصبي يزداد شرا وشراسة فكان يتحرش بالفتيات ويسرق المال من زملائه ويخرب اغراض المدرسة حتى جاء يوم في الثانوية و ضرب فيه احد زملاءه بشكل مبرح ادى الى ادخاله المستشفى وهنا فاض الكيل بسعيد وقام بفصل هذا الطالب وقال له :
- لقد حاولت جهدي معك ونصحتك المرة تلو الاخرى لان والدك رجل طيب واغمضت عيني عن افعالك المشينة ولكني هذه المرة اقول لك انت مطرود لأن شخصا مثلك لن يصبح انسانا ذو قيمة ابدا وحرام تضييع الوقت والجهد عليك .
خرج الصبي الشرير هائما على وجهه ولم يعرف مايفعل ولم يجرؤ ان يذهب الى البيت خوفا من عقاب والده عندما يعرف انه طرد من المدرسة وجلب له العار فاستقل الحافلة وذهب الى المدينة الكبرى وهناك ظل يجول ويجول حتى كلت ساقيه وجلس في احد المقاهي حائرا لايدري اين يقضي ليلته .
انتبه اليه احد ضباط المخابرات الذي يجلس متخفيا بملابس مدينة واشعرته غريزته البوليسية ان هذا الصبي ينفع لعمله فجلس جنبه وطلب له شايا وسأله عن قصته وماذا يفعل فحكى له الصبي حكايته كاملة وهنا قال له الضابط:
- دعك من المدرس ومن ابوك فهؤلاء لايقدرون المواهب الفذة من امثالك انا ساساعدك كي تنجح في حياتك ولكن عليك ان تطيعني طاعة عمياء وتنفذ كل ما اقوله لك دون تفكير .
قبل الصبي بالعرض فصار الضابط يعطيه مهام مثل التجسس على بيت احد المعارضين ليلا ونهارا ومصاحبة ابناء معارض اخر ومحاولة معرفة كل شيئ عن ابيه منه وتدرج الصبي في عمله وحصل على رتبة وصار يعتقل ويعذب المعتقلين وكان يقوم بعمله هذا بكل لذة واحترافية جعلته محط انظار رؤساءه وصار يترقى كل يوم حتى تم تعيينه بعد 10 سنوات مديرا لأمن الناحية التي كان يسكن فيها في طفولته , فرح صاحبنا لأن هذه ستكون فرصة كي يثبت للجميع انه انسان ناجح وليس فاشلا كما كان يظن الجميع .
ولدى وصوله الى مقر عمله الجديد واستقراره فيه جاءه مدير الناحية وكل المسؤلين هناك للتبريك والتملق له دون ان يتعرف عليه احد بالطبع وبعد استقراره استدعى احد المراتب وقال له :
- اذهب الى مدرسة القرية واجلب لي مديرها المدعو سعيد في التو والساعة
ذهب العريف ومعه العساكر الى المدرسة وبدون مقدمات تم اقتياد سعيد من المدرسة امام التلاميذ بكل اهانة واشبعوه ضربا وشتما طوال الطريق الى مركز مديرية الامن وهناك ربطوه بعمود واقفا على رجليه حتى يستدعيه المدير , وبعد الوقوف ساعتين تحت الشمس تبول فيها سعيد المسكين على نفسه من الخوف ومن مشكلة المثانة لديه تم ادخاله على المدير الذي بادره بالقول :
- اهلا وسهلا استاذ سعيد كيف الحال ؟ هل اشتقت لي مثلما اشتقت لك ؟
نظر سعيد المسكين الى الرجل ولم يتعرف عليه ولكنه قال :
- ياسيدي حتما هناك هناك سوء فهم فأنا رجل تربوي لا اعرف ضباطا كبارا مثل حضرتك وليست لدي انشطة اجرامية او حتى سياسية .
ضحك الضابط وقال :
- انا ياسيد سعيد تلميذك الذي طردته قبل سنوات من المدرسة وقلت لي انني لن اصبح انسانا ذو قيمة ابدا وها انا قد اصبحت مديرا لإمن الناحية والكل يطلب رضاي ويقدم لي فروض الولاء والطاعة وما احضرتك هنا الا لاريك كم كنت مخطئا بحقي .
نظر سعيد اليه من اعلى الى اسفل وقال له :
- ايها السافل انا لم اقل لك انك لن تصبح ضابطا او حتى وزيرا , انا قلت انك لن تصبح انسانا ذو قيمة, ولو كانت لديك ذرة من الانسانية لما سقتني بهذا الشكل المهين الى مكتبك وانا معلمك وفي سن والدك, وهنا اقولها لك مرة اخرى انت لم ولن تصبح انسانا ذو قيمة في يوم من الايام وافعل بي ما شئت ايها الفاشل .
*مقتبسة عن التراث
موضوع: لن تصبح انسانا ذو قيمة ايها الفاشل !! 
13/11/2010, 11:43
