تحليل التجارب الشتوية لموسم 2012
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]سيارة الريدبول آر.بي8
(أبّي زكّار) وصلنا إلى نهاية الفترة الشتوية لبطولة الفورمولا واحد لهذا الموسم، موسم 2012، وبعد أقل من أسبوعين سيحتفل أحد السائقين بإحرازه للإنتصار الأول في سباق أستراليا الافتتاحي لهذا الموسم، كما سيحتفل أيضاً بتربعه على عرش ترتيب بطولة السائقين بخمسة وعشرين نقطة.
التجارب الشتوية، وكما جرت العادة في المواسم السابقة، قد تعطي بعض المؤشرات عن دلالة هذه الفرق، مع العلم أنه لا يمكن الجزم أبداً بطبيعة أداء الفرق بالاعتماد على سرعتها و أدائها في التجارب الشتوية فقط. أفضل الأمثلة على ذلك التجارب الشتوية التي جرت العام الماضي، حيث كان فريقا الويليامز والفيراري من أسرع الفرق، وكانت المكلارن تعاني من أوقات كارثية، وجميعنا يعلم كيف كانت أوضاع هذه الفرق الثلاثة خلال الموسم السابق، حيث كانت المكلارن من أفضل السيارات، واحتلت المركز الثاني خلف فريق الريدبول الذي كان يعد في عالم آخر، على الأقل في النصف الأول من الموسم. بينما أظهر فريق الفيراري أداءً متواضعاً لم يرقى لمستوى التطلعات، أما الفريق البريطاني الذي يقع مصنعه في غروف فمر بأسوأ موسم له على الإطلاق في مسيرته العريقة المثقّلة بالألقاب.
بعد نهاية التجارب الشتوية، ومتابعة 12 يوم من كثب على كل من حلبتي خيريز، وبرشلونة، ومشاركتكم في التعليق الكتابي المباشر على الموقع، ماذا يمكن أن نستنتج؟ وما هي التوقعات التي يمكن التوصل إليها قبل سباق أستراليا الافتتاحي؟
أولاً مع فريق الريدبول، أبطال العالم في الموسمين المنصرمين. لعلّ أهم ميزة للفريق النمساوي هي الاستمرارية، حافظ الفريق على توليفة ناجحة بقيادة كريستيان هورنر إدارياً، النابغة أدريان نيوي في مجال التصميم، وعلى مستوى السائقين مع كل من الموهبة الفذة وبطل العالم للموسمين السابقين، الألماني سيباستيان فيتيل، والسائق الاسترالي السريع، مارك ويبر.
قام الفريق النمساوي مراراً وتكراراً بالتصريح أن السيارة الجديدة عبارة عن تطوير للسيارات التابعة المواسم السابقة، وأنها الحفيدة الحديثة لجدتها الكبرى الـ«آر.بي5» وهي سيارة موسم 2009. السيارة تمتاز بالمقدمة الشهيرة كما هي الحال في معظم فرق الفورمولا واحد لهذا العام نتيجة للتعديلات التقنية. كما تميزت السيارة بجناح أمامي مبتكر، عبارة عن مزيج بين الجناح الخاص بفريق ريدبول، وآخر الخاص بفريق مكلارن لموسم 2011.
فريق الريدبول امتاز بأداء جيد ومتوازن في التجارب الشتوية، الأوقات التي قام بتسجيلها، خاصة في محاكاة السباقات واختبارات التسابق التي كان يجريها، كانت أزمنة مبهرة، وأيضاً أداء السيارة على المنعطفات السريعة كان جيد ومتماسك، حيث صرّح العديد من الصحفيين الذين كانوا متواجدين على المدرجات الموجودة في المنعطفات السريعة أن سيارة الريدبول كانت ’’سلسة‘‘ وقوية جداً على هذه المنعطفات. كما أن الفريق قام بإحضار هيكل سيارة جديد ومحدّث بشكل جذري خاصة في منطقة العوادم، وفي منطقة الجناح الخلفي. برأيي الشخصي والمتواضع فالفريق النمساوي سيبقى في المقدمة لهذا الموسم، ولكنه لن يتمتع بتلك الأفضلية الساحقة التي تمتع بها عند بداية الموسم الماضي، فعلى كل من فيتيل وويبر أن ينظروا جيداً في مرآة سيارتهم لأنّ فريق مكلارن ليس بالبعيد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]البريطاني لويس هاميلتون
كما جذب فريق مكلارن البريطاني العديد من التساؤلات عن مدى فعالية تصميم سيارته، حيث اعتمد على ارتفاع هيكل منخفض، وبالتالي أبقى مقدمة السيارة جميلة، ولا تمتاز بانحدار مفاجئ في الارتفاع كما هي الحال مع باقي الفرق. بالعودة إلى الوراء عاماً واحداً، كانت مكلارن تعاني من تجارب شتوية سيئة للغاية، السيارة كانت بطيئة، غير فعالة، مع موثوقية منخفضة جداً. كل ذلك نتيجة اعتماد الفريق لتصميم عوادم مبتكر جداً لم يتمكن من معرفة ماهية عمله بشكل مثالي، وبالتالي دفع الفريق ثمن ابتكاراته الثورية. لذلك كان من المتوقع أن يكون تصميم سيارة هذا الموسم محافظاً أكثر مع عدم المخاطرة بابتكاراته مرّة أخرى.
أظهرت سيارة مكلارن «أم.بي4-27» هذا العام سرعة جيدة، ثبات عالي في الأزمنة، ومحافظة لفترة طويلة على الإطارات، والنقطة الأهم أنه تمكن من قطع مسافات كبيرة خلال التجارب، ولم يواجه الكثير من المشاكل التقنية مع السيارة الجديدة. وصف الصحفيون سيارة المكلارن الجديدة بالقوية، والمتزنة عبر مرورها بالمنعطفات السريعة، وإن لم تكن بنفس اتزان وتماسك سيارة فريق الريدبول، إلا أنها أظهرت أداء ممتازاً، وبالتالي أعتقد أن الفريق البريطاني سيجعل الحياة صعبة لأدريان نيوي في بداية الموسم، ويعتبر من أقرب الفرق لمزاحمة فريق الريدبول على إحراز الفوز في السباق الافتتاحي، وحتى البطولة.
بالانتقال إلى فريق لم يمر بأفضل أيامه في التجارب الشتوية الأخيرة، ألا وهو فريق فيراري. الفريق الإيطالي اعتمد نهج ثوري للغاية في تصميم سيارته، الـ«إف2012»، التي كان من أبرز نقاطها نظام العوادم ومناطق خروج فتحاته، واعتماد نظام أذرع السحب في نظام تعليق مقدمة السيارة، وليس فقط في خلفيتها، على عكس بقية الفرق التي اعتمدت على نظام أذرع دفع في نظام تعليق المقدمة، وأذرع السحب في خلفية السيارة. ففريق الفيراري يعاني منذ عام 2009، وبرأيي الشخصي والمتواضع فإن منع إجراء التجارب الخاصة خلال الموسم من أبرز أسباب فشل وتراجع الفريق الإيطالي. مشكلة الفيراري الأساسية في التجارب الشتوية أنهم لم يستطيعوا إجراء العديد من اللفات وقطع العديد من الأميال لفهم آلية عمل السيارة وكيفية الحصول على الضبط المثالي. بينما لو كان للفريق حرية بإجراء أكبر عدد ممكن من التجارب، لقام الفريق الإيطالي بإجراء أيام عديدة ومتواصلة من التجارب على حلبة فيورانو خلف المصنع العريق في مارانيلو.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ألونسو في اليوم الأخير من التجارب الشتوية
العديد من الصحفيين وصفوا سيارة الفيراري الجديدة بأنها غير متزنة، إطاراتها الخلفية تتآكل بسرعة كبيرة، وغير متماسكة أبداً عبر المنعطفات السريعة، حيث أنها كانت عصبية جداً وكان كل من السائقين فيليبي ماسا وفرناندو ألونسو يعانون مع المقود ويعملون كثيراً من أجل إبقاء السيارة على الحلبة. فريق الفيراري يمر بنفس مشكلة فريق المكلارن التي مر بها في العام الماضي، نظام عوادم مبتكر جداً، من الصعب فهم عمله وضبطه بالشكل المثالي، وبالتالي رأينا كيف أن فريق الفيراري استخدم نظام عوادم تقليدي أكثر في التجارب الأخيرة في برشلونة.
لقد رأينا كيف مر فريق المكلارن بتجارب شتوية كارثية العام الماضي ثم مع بداية الموسم تمكن من قلب السيارة وإحداث نقلة نوعية في الأداء، ولكن هل تمتلك الفيراري نفس المصادر ونفس القدرات الهندسية لتحسين السيارة وسد ثغرة الأداء الكبيرة إلى فريق الريدبول والمكلارن؟ الوقت سيبرهن على كل شيء، ولكن حسب رأيّ فإن الفريق الإيطالي بعيد جداً عن المقدمة، ربما يكون خامس أسرع فريق، ولكنه سيتمكن من قلب الموازين عاجلاً أم آجلاً، مع مرور السباقات، وإجراء المزيد من الاختبارات خلال عطلات الجوائز الكبرى، سيتمكن الفريق من فهم السيارة بشكل أكبر، وأعتقد أن التجارب الخاصة التي ستجري في موجيلو ستكون مصيرية للفريق الإيطالي.
بالانتقال إلى فريق آخر يحمل الكثير من الوعود لموسم 2012، ألا وهو فريق المرسيدس، الذي قام بتصميم سيارة جميلة تمثل نقلة نوعية عن سيارة العام الماضي، خاصة في مقدمة السيارة وفي الجناح الأمامي المبتكر جداً، أظهر فريق المرسيدس سرعة جيدة وتماسك عبر المنعطفات خلال التجارب الشتوية، ولكن الفريق يعاني من مشكلة كبيرة وهي تآكل الإطارات.
في اليوم قبل الأخير من التجارب الشتوية، كنت أتابع أزمنة السائق الألماني نيكو روزبرغ، وقد عانى من انخفاض كبير في الأزمنة، حيث خسر روزبرغ حوالي ثانية كاملة في ظرف سبعة لفات. بالتأكيد، لا يمكن الجزم بأن الفريق يعاني من مشكلة تآكل الإطارات حيث لا يمكن معرفة ماهية الإطارات المستخدمة وحالتها، ولكن بإعتقادي أن الفريق الأنغلو-ألماني عليه العمل بشدّة على إصلاح هذه النقطة، لأنّ السيارة سريعة خلال لفة واحدة، لذلك أعتقد بأننا سنرى سرعة لا بأس بها في التجارب التأهيلية لسباق استراليا، ولكن خلال السباق سيعاني الفريق إن لم يقم بإصلاح هذه المشكلة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الفنلندي كيمي رايكونن
آخر فريق سأقوم بالتعمق في أدائه هو فريق لوتس، الذي سيحظى بتشجيع العديد من متابعي الفورمولا واحد بعد أن أقدم على توقيع عقد يضمن للسائق الجليدي كيمي رايكونن العودة إلى ساحات البطولة، وهو الذي غادرها مع نهاية موسم 2009، إلى جانب السائق الفرنسي رومان غروجان. بدأت التجارب بأداء واعد وسرعة جيدة للفريق البريطاني، وأظهر كيمي رايكونن سرعة في التأقلم مع العودة إلى سباقات الفورمولا واحد، وتمكن من إحراز وتسجيل لفات سريعة جداً، ولكن مع نهاية التجارب الأولى في خيريز، وبداية التجارب الثانية في برشلونة، بدأت المشاكل تهز عرش فريق إينستون.
مشكلة في تصميم هياكل السيارة أجبرت الفريق على الانسحاب وتفويت أربعة أيام هامة جداً من الاختبارات من أجل تدعيم نظام التعليق الأمامي للسيارة، خاصة أنه كان من المفترض على الفريق إجراء أكبر عدد ممكن من اللفات لكي يعاود كل من سائقيه الغائبان لعدة مواسم عن ساحات البطولة التأقلم على قيادة سيارة الفورمولا واحد واستخراج الأفضل منها. تجارب برشلونة الثانية، والتي كانت الأخيرة من التجارب الشتوية، أظهرت أن الفريق لم يعاني كثيراً من خسارة أيام التجارب السابقة، حيث تمكن غروجان من تصدر اليومين الأولين من التجارب الأخيرة. ولكن مع بداية اليوم الثالث، وعودة السائق الفنلندي رايكونن إلى مقصورة القيادة، كانت المفاجأة لعالم الفورمولا واحد معاناة رايكونن من عامود القيادة، وسجّل بالتالي أبطأ زمن، ولم يتمكن من إجراء عدد كبير من اللفات.
إحدى أهم النقاط و الملاحظات التي تخص السائق كيمي رايكونن، أنه يجب أن يكون مرتاح بنسبة 100% في السيارة لكي يتمكن من استخراج أقصى طاقات السيارة، وتسجيل أسرع اللفات. لا يهم إن كانت السيارة سريعة أم لا، ولكن من المهم أن يشعر السائق الفنلندي بالراحة مع أسلوب قيادة السيارة. بالنظر إلى موسم 2009، سيارة الفيراري التي كان يشارك كيمي رايكونن على متنها في بطولة العالم، كانت بطيئة للغاية، ولكن بما أنها كانت تلائم أسلوب قيادة كيمي رايكونن، تمكن من تحقيق المعجزات على متنها. إذا جرت الرياح بما تشتهي السفن، وتمكن فريق لوتس من إصلاح جميع المشكلات التي يتذمر منها الرجل الجليدي، فأعتقد أنّ الأمور ستصبح في وضع جيد للفريق البريطاني، خاصّة أنّ السيارة أظهرت سرعة تنافسية، وثبات عالي في الأزمنة، وتم وصفها بأنها سلسة للغاية أثناء مرورها في المنعطفات السريعة.
بالانتقال ولو بشكل بسيط إلى فرق منطقة الوسط، فإن الفورس إنديا تعتبر في وضع جيد جداً، السيارة أظهرت أداء جيد ومتّزن، ولكنني أعتقد بأن الفوارق ضئيلة جداً خلفهم، بين كلّ من ساوبر، تورو روسو، ويليامز، وكاترهام، حيث أن الأخير قام بأداء مبهر وممتاز بالنسبة لمستواه، خاصة بالنسبة لموثوقية السيارة، مع العلم أن فريق الكاترهام سيستخدم بطاريات الكيرز لاستعادة الطاقة الحركية هذا الموسم. أما فريقا المؤخرة، هيسبانيا و ماروسيا، لا أعتقد أن الحال ستختلف كثيراً عن المواسم السابقة، وأتوقع أن يقوم متصدر سباق استراليا باجتيازهما بفارق لفة كاملة بعد مضي عدد قليل من اللفات على السباق الافتتاحي.