آخر حوار بين وزير المالية الأردني الدكتور محمد أبو حمور ونظيره السعودي الدكتور إبراهيم العساف إختصر كثيرا من المسافة الفاصلة ما بين التكتيك السعودي القديم في دعم الأردن ومساندته وبين الإستراتيجية الجديدة التي لا تقبل المماطلة ولا التلاعب بالعبارات والكلمات والمواقف.
وهنا يمكن التأمل في بعض التفاصيل فقبل أسابيع وفي مطلع شهر تموز (يوليو) الماضي وبعد إحتفال الأردنيين بوصول الدعم السعودي المالي النقدي المباشر بسقف مليار و400 ألف دولار وصلت برقية أردنية للقصر الملكي السعودي تقول ضمنيا: شكرا لكم ولن ننسى فضلكم لكن أوضاعنا المالية والنقدية لا زالت صعبة وحرجة والأمر يصل لمستوى خطير.
بعد ساعات فقط وجه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تعليماته لوزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف وطلب منه التواصل مع عمان للبحث عن تفسير من الأشقاء لعبارة "مستوى الخطر".
لحظة التواصل شرح الوزير الأردني أبو حمور المسألة بإختصار مستخدما بعض الأمثال الشعبية مشيرا الى ان "تنقيط" المياه في حلق الإنسان العطشان مسألة حساسة فمن يوشك على الموت عطشا قد تنفعه نقاط المياه في حلقه لسد الرمق وإنقاذ حياته مرحليا حتى يصمد أكثر.
المهم - شدد أبو حمور - أن يحصل التنقيط في الوقت المناسب وقبل حصول إنهيار صحي حتى يتحقق الغرض وأوحى بما يلي: إذا وصلت نقط المياه لحلق المريض متأخرة تحصل المشكلة ولا ينفع سطل مياه بأكمله.. بالتالي - التوقيت حساس جدا معالي الأخ "شرح أبو حمور لنظيره السعودي".
طبعا إلتقط الوزير السعودي الرسالة وفهمها وبعد إلتقاط صورة للإعلام في مكتب رئيس الوزراء معروف البخيت أعد تقريره بالخصوص فأرسلت، كما تؤكد مصادر الدفعات النقدية بطائرة خاصة لعمان فتمكنت الأخيرة من تجاوز محطة شهر رمضان والعيد بأمان ودون صداع في الشارع عنوانه العجز المالي.
وعليه يفهم السعوديون اليوم بان الأوضاع في عمان لا يصلحها مبلغ المليار فقط فالأزمة حادة وحانقة والخزينة تعاني عجزا كبيرا ويهددها الإفلاس بالرغم من كل إجراءات التقشف، كما يوحي أبو حمور لزملاء له في مجلس الوزراء.
عليه تتحدث الأوساط الإقتصادية الأردنية عن وصول المساعدة السعودية لسقف ملياري دولار على الأقل قبل نهاية العام الحالي، الأمر الذي يقدم خدمة يتيمة ومهمة للحكومة الأردنية هي حصريا تأجيل أي إتجاهات لرفع أسعار المحروقات في توقيت متلازم مع حراك الشاع الإصلاحي.
لكن الرياض وعدت بالمزيد سياسيا فقد إلتزمت بالوقوف بقوة خلف التسريع بإجراءات إنضمام المملكة الهاشمية للخليجي وتعهدت بإزالة تحفظات البعض على ذلك وتحديدا في أبو ظبي ومسقط بعد ما ساهم الملف الليبي بدفع العلاقات الأردنية - القطرية إلى أقصى مساحة تعاون منذ عقد على الأقل وبالتالي لم تعد الدوحة ولا محطة الجزيرة مصدر قلق بالنسبة للأردنيين خصوصا عندما يتعلق الأمر بالإنضمام للخليجي.
والتعهدات السعودية حولت الأمر من فكرة سياسية إلى برنامج عمل منهجي فبعد ثلاثة أيام فقط ستعقد جلسة المفاوضات الأولى في جدة بين الأردنيين وممثلي مجلس التعاون الخليجي وأبو ظبي تخلت عن تحفظاتها، ووافقت حسب تقارير محلية عبر الشيخ عبد الله بن زايد على عقد إجتماع لدراسة طلب أردني فرعي تقدمت به عمان بعنوان الإنضمام فورا لمؤسسة غرفة تجارة الخليج عبر ضم الغرفة الأردنية التجارية. لكن في الكواليس قالت أبو ظبي للأردنيين انها لن تقدم بعد الآن دعما ماليا نقديا مباشرا وطلبت تزويدها بأسماء جهات في الخارج يمكن أن تدفع لها المساعدات الإماراتية على أن تسجل لصالح الأردن سواء على صعيد سداد دين او صعيد الإستثمار.
موضوع: إنضمام الأردن لـ"الخليجي".. قطر لم تعد متحفظة والسعودية تعهدت بتطويع "الممانعة" 
8/9/2011, 14:36
